فهرس الكتاب
الصفحة 35 من 401

نوع يعبر عنه بأنه عبوديةُ كونية وهذه عامة في جميع الخلق، يعني: ما كان من جهة الجمادات ومن غيرها، لأن كل مخلوق فهو مُعَبَّد لله تعالى بهذه العبودية وهو خضوعه للأمر الكوني هذه يسمى ماذا؟ عبودية كونية.

وأما العبودية الشرعية فهذه خاصة بالمؤمنين فلا تصدق على غير المؤمن، فمن سَلَّم لأمر الله تعالى وخضع لأمره الشرعي فهو مؤمن وهو المراد بآيات كثيرة منها قوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} [الفرقان: 63] . وأما قوله تعالى {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} [مريم: 93] . هذه عامة تشمل المؤمن وتشمل الكافر تشمل البهائم وغيرها، فكل واحد من هؤلاء فهو عبد الله مسخر، لأنه مذلل لا يمكن أن ينفك الكافر عن كون الرب جل وعلا رازقًا له، يمكن؟ هل يمكن أن يوجد كافر ورزقه من غير الله عز وجل؟ لا، هل يمكن أن يُولد ويوجد في الحياة ولا يكون الذي أحياه الله عز وجل، أو الذي أماته الله، أو الذي شفاه الله، أو الذي أمرضه الله؟ لا يمكن، إذًا هو مفتقر مذلل إلى الله عز وجل، لكن هذه الأمور الإحياء والإماتة هذه مفردات تتعلق بالربوبية، فهي عامة ليست خاصة بمؤمن دون كافر، أو كافر دون مؤمن فهي شاملة، ولذلك يعبر عنها بالعبودية الكونية التي لا ينفك عنها لا إنس ولا جن ولا من البشر ولا من البهائم ولا غيرها.

إذًا العبودية نوعان: عبودية كونية وهي الخضوع لأمر الله الكوني وهذه شاملة عاملة لجميع الخلق لا يخرج عنها أحد لقوله تعالى: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} . وهو سبحانه معبود، وتلك العبودية هي مقتضى الربوبية فهو معبود عند جميع الخلق لأنه هو خالقهم وهو رازقهم وهو محييهم ومميتهم.

الثاني: عبودية خاصة وهي شرعية، وهي: الخضوع لأمر الله الشرعي، وهذه خاصة بالمؤمن لا يدخل فيها الكافر، وقوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ} . عباد الرحمن، يعني: الذين استجابوا لأمر الرحمن، وهذا خاص بالمؤمن فلا يشمل الكافر، وهذا الوصف يكون خاصًا، وبهذه العبودية الخاصة عبودية الطاعة يتميَّز المؤمن من الكافر.

النوع الأول: كونية لا يحمد عليها الإنسان، لأنه بغير فعله لكن قد يحمد على ما يحصل منه من شكر عند الرخاء وصبر على البلاء وهذا خاص بالمؤمن، أما الكافر فلا إذا نزلت به النازلة حينئذٍ يكون سخط منه، وأما المؤمن لا إنما يصبر ويحتسب الأجر عند ربه حينئذ وقع عليه ما هو من المصائب فيتجه إلى ربه جل وعلا إما بالصبر وإما بالشكر.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام