فهرس الكتاب
الصفحة 326 من 401

إلى آخر ما ذكره، فحينئذٍ الملك لم يأتي بسورته الحقيقية، ثانيًا لطمه من أجل أنه دخل بيته على ما ذكره رحمه الله تعالى، وهذا الكلام فيه نظر، لأن ظاهر النص أنه أرسل ملك الموت وعلى ظاهره وزيادة ما يقال بأنه إنسان أو آدمي وشرعنا موافق لشرعهم هذا كله يعتبر زيادة على النص، أين نجده في الحديث؟ هو حديث واحد رواه البخاري مع زيادات عند أحمد وغيره، حينئذٍ أسند الفعل إلى ملك الموت، يحتمل أنه لم يأتي بصورته الحقيقية، ويحتمل أنه جاء في صورته الحقيقية، والأصل في الإسناد إنما يكون على حقيقته، وإذا كان كذلك فالأصل أنه يبقى على ظاهره، ولذلك قال النووي رحمه الله تعالى لا يمتنع أن يأذن الله لموسى في هذه اللطمة ولو كان ملكًا، ولو رآه على حقيقته وصورته الملكية امتحانًا للملطوم، وعلى كلٍّ هذا أو ذاك نقول: الله أعلم، لأن مستند هذه القصة أمر الغيب نثبت ما دل عليه النص من لطم موسى لملك الموت ثم نكف عن ما يتعلق بهذه القصة من الأمور التي تكون مع مجرياتها فيما لم يذكره النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما الرد على أهل البدعة فإنما يكون بالتسليم بأن يبين بأن هذا من الغيب وهو واجب التسليم والقبول سواء أدركت عقولنا هذه المسألة من أصلها أو لا، ولا نأتي نزيد على النص بأنه لم يكن ملك الموت إنما هو آدمي ثم لطمه لأنه دخل بيته ما الذي أدرانا أنه دخل بيته؟ أليس كذلك؟ وحينئذٍ ما الذي أدرانا بأن شريعتنا مساوية لشريعة موسى في فقأ العين إذا دخل بغير إذنه؟ وإنما هذا كله من باب الرد على المبتدعة، وهذا أشبه بالتأويل لكن نقول: يحتمل إذا جاء نص فلا إشكال نقول كما جاء جبرائيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة رجل وكذلك الملائكة نقول: أثبتنا أنهم جاءوا في غير الصورة الملكية للنص، ولذلك لا يمتنع عقلاً، بل هو موجود حسًّا أنه قد يرى النبي سواء كان محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وغيره الملك على صورته الحقيقية لا مانع، وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبرائيل على هذه في مرتين حينئذٍ نقول: ما دام أن العقل لا يمنع أن يرى ملك الموت في صورته الملكية حينئذٍ نثبت ظاهر النص على ما هو عليه، ولذلك عبارة النووي واضحة بينة كأنه يثبت ظاهر النص ولا يرى أنه يؤول بما ذكر، قال: لا يمتنع أن يأذن الله لموسى في هذه اللطمة امتحانًا للملطوم. يعني: للملك، وقال غيره: إنما لطمه لأنه جاء ليقبض روحه من غير أن يخيره، لما ثبت «أنه لم يقبض نبي حتى يخير» . فلهذا لما خيره في المرة الثانية أذعن، قيل: وهذا أولى الأقوال بالصواب. دد

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام