إلى آخره، كيف تقول: تسبح سبحان الله لا بد للتسبيح من لسان ولا بد من مخارج للحروف ولا بد من اعتماد ... إلى آخره، فهذا لا يوجد في الظاهر في السماوات ولا في الأرض ولا في الجمادات ولا في الحصى ولا في الشجر ولا في غيره، حينئذ أَوَّلُوا التسبيح، أَوَّلُوه بماذا؟ قالوا: السماوات المبدعة في خلقها أبدعها الله عز وجل، حينئذٍ إذا رآها من له لسان قال: سبحان الله. إذًا ليست هي مسبحة وإنما هي الداعية إلى التسبيح من نظر فيها وتأمل خلق الله العجيب ونظر في الأرض ونظر في البحار حينئذ يقول: سبحان الله. أليس كذلك؟ هذا وارد، لكن هذا تأويل تحريف، لماذا؟ لأن الأصل في الإسناد إذا أُسند الفعل إلى شيء الأصل فيه الحقيقة ولا يصرف إلى ما أُوِّلَ إليه إلا بقرينة هنا ليست عندنا قرينة، بل عندنا قرائن تدل على أن السماوات والأرضون وكل ما بينهما من الجمادات يسبح بالفعل وليس أنها داعيةٌ للفعل، ولذلك جاء تسبيح الجمادات وأنه حقيقي ليس مجازي لكن لا نعلم كيفية ذلك كما ورد في تسبيح الحصى، أما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - الحصى يسبح بحروف؟ أو أنه دعى بحاله وخلقه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي: «سبحان الله» . لا سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - الحصى يسبح، إذًا الحصى سبح، كيف سبح؟ الله أعلم، لا يلزم من ذلك أن يكون له لسان قد ينطق ويقول: سبحان الله. ولا يكون له لسان، يمكن؟ يمكن نعم نحن لا نتدخل في مخلوقات الله عز وجل، إذا أثبت الله عز وجل للحصى تسبيح وقال يسبح وسمعه النبي - صلى الله عليه وسلم - نقول: يسبح على رغم أنوفنا، لماذا؟ تسليمًا وقبولاً للنص، فما جاء في الكتاب والسنة من هذه الأمور لأنها غيبية، يعني: قد يدرك هو في الظاهر تراه حجر مثلاً مثل الآن تراه حينئذٍ لكن ثَمَّ ما هو غيب عنك، قد يكون ينطق قد يكون يتكلم قد يكون يحب كما جاء في النص «أُحدٌ جبلٌ يحبنا ونحبه» . «يحبنا» . أثبت له المحبة أو لا؟ أثبت له المحبة، وهذه لا تتعقل في الأصل إلا من قلب، إذًا هل له قلب أو لا؟ نقول: الله أعلم لكن نثبت له المحبة، وأن هذه المحبة كما تكون من بني آدم تكون كذلك من الجمادات ونثبتها لجبل أحد على جهة الخصوص ونتوقف فيما عداها ولا ننفيها، وإنما نتوقف فيما عداها لأن هذه الأمور غيبية تتعلق بخلق الله عز وجل وبكمال قدرته وسلطانه جل وعلا حينئذ لا نثبت إلا ما أثبته الكتاب والسنة كما ورد في تسبيح الحصى وسماع النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك وحنين الجذع وما فعله الحجر مع موسى عليه السلام يا حجر ثوبي ثَوبي يا حجر، أخذه الحجر وطار مشي به، أليس كذلك؟ صحيح أو لا؟ ورد هذا، ثابت في السنة، ليس من أخبار بني إسرائيل، خلع ثيابه ليغتسل فإذا بالحجر يأخذ الثياب ووراءه موسى عليه السلام، [ها] هذا له رجلان؟ فنقول: حينئذ نثبت ما جاء في الكتاب والسنة، وهذا حق ونقبله ولا نُؤَوِّلُه فدعوى المجاز في كل صغيرة وكبيرة دعوى باطلة، وإن كان المجاز قد يُقبل في أصله لكن كونه يحرف به النصوص لعدم عقل ذلك الشخص الذي لم يفهم النص على وجهه نقول: هذا ليس بِمُسَلَّم.