عرفنا الوجوب أنه ما طلب الشارع فعله طلبًا جازمًا، أو ما أمر به أمرًا جازمًا، فحينئذٍ يتعلق به من حيث القبول وعدمه، بعضه قد يكون من رد شيئًا من هذه المسائل قد يكفر وقد يكون فاسقًا ولا يصل إلى حد الكفر، وهذه بالنظر إلى المسائل على حده، بمعنى أنه إذا لم يمتثل هذا الأمر الواجب حينئذٍ قد يكون كافرًا، وقد يكون فاسقًا، كافرًا كما لو أنكر البعث مثلاً حينئذٍ يعد كافرًا، ويكون فاسقًا فيما إذا أنكر شيئًا قد يكون فيه اختلاف بين أهل السنة والجماعة، إذًا (ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -) وجوبًا شرعيًّا عينيًّا لمن بلغه، فالوجوب هنا يكون عينيًّا بمعنى أنه يتعلق بكل مكلف على حده، وهذا إذا بلغه، وأما إذا لم يبلغه شيء حينئذٍ على القاعدة يكون جاهلاً، وإذا كان كذلك حينئذٍ لا يتعلق به إثم ولا عدمه (ويجب الإيمان) ، أي: التصديق، (بكل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -) ، يعني: ما ثبت بالسمع، أي: بطريق الشرع، ولم يكن للعقل فيه مدخل، وأما إذا كان للعقل فيه مدخل فهذا يدخله القياس، وما لم يكن كذلك فلا يدخله القياس وأمور الغيبيات، بل المعتقد كله من أوله إلى آخره الأصل فيه أنه لا مدخل للعقل فيه وإنما هو من جهة الاستنباط وفهم النصوص فقط عند التعارض من حيث التقديم والتأخير ومن حيث الجمع بين النصوص، وأما إنشاء مسائل أو إفراد مسائل بالحكم الشرعي فهذا لا يتأتى في باب المعتقد، وإنما يكون القياس في الفروع الصلاة والزكاة والصوم والحج ونحو ذلك مما يصح فيه القياس، وهنا التسليم إنما يكون منصبًّا على ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذًا ما ثبت بالسمع، أي: بطريق الشرع ولم يكن للعقل فيه مدخل، وصح به النقل عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك الإسرائيليات هنا في هذا المقام الأصل فيها على ما جاء في السنة أنها لا تصدق ولا تكذب، فتروى على حد قوله - صلى الله عليه وسلم: «إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، {وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [العنكبوت: 46] » .دد