هذا إن كان مسلمًا، وأما على الترتيب السابق فنقول: عمل الأركان منه ما فواته يؤدي إلى فوات الإيمان من أصله كالصلاة مثلاً، الصلاة بإجماع السلف أن تاركها يعتبر كافرًا كفرًا أكبر مخرجًا من الملة، وهذا بإجماع الصحابة كما حكاه عبد الله بن شقيق لم يكن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرون شيئًا من أعماق ترك الكفر غير الصلاة، وهذا واضحٌ بين في الدلالة على الإجماع حكاه المروزي وكذلك ابن حزم وغيرهما، حينئذٍ نقول: المسألة مجمعٌ عليها فتركها يعتبر مفوتًا للإيمان من أصله، ولذلك أطلق الله عز وجل عليها وصف الإيمان كله {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] ، يعني: صلاتكم إلى جهة البيت المقدس، لأن لما حولت القبلة إلى الكعبة سأل الصحابة عمن مات قبل تحويل القبلة، فأنزل الله عز وجل هذه الآية وقال: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} ، أي: صلاتكم، ذكر ابن القيم في حكم الصلاة وتاركها أن من عادة العرب إذا أطلقوا الكل على جزءٍ دل على أن هذا الجزء له أثرٌ في فوات الكل، بمعنى أنه إذا فات هذا الجزء فات الكل، وهنا أطلق الكل الذي هو الإيمان، هل الإيمان كله الصلاة فقط وما عدا الصلاة ليست بإيمان؟ الجواب: لا، هذا واضح بدهي، حينئذٍ نقول: كونه أطلق الإيمان مرادًا به الصلاة وهي جزءٌ من أجزاء الإيمان وعملٌ من أعمال الإيمان دل على أن فوات الصلاة يفوت الإيمان من أصله، وهذا واضحٌ بين، ومن الأعمال أعمال الجوارح ما تركه لا يفوت الإيمان من أصله وهذا على قسمين كما ذكرنا إن كان واجبًا غير الصلاة وهذا إذا تركه يعتبر منقصًا للإيمان الواجب، بمعنى أنه مؤمنٌ بإيمانه فاسقٌ بكبيرته، حينئذٍ نجمع له بين الوصفين فنعطيه مطلق الإيمان لا الإيمان المطلق، فلا نصفه بالاسم الكامل المطلق ولا نسلبه الاسم الكامل، بل هو مؤمنٌ بإيمانه فاسقٌ بكبيرته، ومِنْ ترك الأعمال ما لا أثر له في فوات الإيمان الواجب، كما لو ترك مثلاً الوتر مثلاً، أو ترك قيام الليل من المستحبات، هذه لا تؤثر في الإيمان الواجب، وحينئذٍ التفصيل في عمل الأركان كالتفصيل فيما سبق، (وعملٌ بالأركان) والمراد هنا بالعمل جنس العمل، ومن كَفَّرَ تارك الصلاة حينئذٍ حدد الجنس، لأن الجنس هذا مبهم وهو ركنٌ في أركان الإيمان، حينئذٍ هل هذا الجنس معين أم لا؟ إذا حكينا الإجماع إجماع الصحابة على كفر من ترك الصلاة حينئذٍ بالإجماع هذا الجنس معين وهو الصلاة، حينئذٍ المراد بقولنا في الإيمان: (وعملٌ بالأركان) الصلاة، وما عداه فهي إيمان لا شك، لكن منها ما يفوت كمال الإيمان الواجب وهو الواجبات، ومنها ما لا يفوت كمال الإيمان الواجب وهو ترك المستحبات على هذا التفصيل. دد