وأما من السنة فقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن الله تعالى كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، إذًا علمها ثم كتبها، وبأنه ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه لأنه سابقٌ به علمه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الأقلام قد جفت وطويت الصحف، والأحاديث في هذا كثيرة، وأما العقل الدال على أن الله عز وجل علم كل شيءٍ قبل وجوده أن يقال قد دل العقل بعد علمه بأن الله تعالى هو الخالق وأن ما سواه مخلوق، إذًا القسمة ثنائية خالق ومخلوق ليس عندنا إلا خالق ومخلوق، ولا بد عقلاً أن يكون الخالق عالمًا بمخلوقه، لأنه أعلى مرتبةً منه، فإذا كان جاهلاً به هذا لا يكون مخلوقًا له، إذًا عندنا خالق وعند مخلوق، وكون المخلوق متعلقًا بخالقه إيجادًا وإعدامًا دل على أنه علم به قبل إيجاده، على كلٍّ دليل عقلي لا نحتاجه إذا وجد النص، وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] . خلقه فيعلمه، إذًا هو عالم به جل وعلا، والأدلة على إثبات هذه المرتبة كثيرة، واتفق عليها الصحابة والتابعون ومن تبعهم. دد