فهرس الكتاب
الصفحة 233 من 401

(وقال علي رضي الله عنه: من كفر بحرف منه فقد كفر به كله) هذا أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، وابن جرير في تفسيره، وأما أثر علي وأبو بكر فهذا لا يصح، إذًا في هذه النصوص في الحديثين هذا تصريح بأن القرآن مركب من حروف لقوله: ( «فله بكل حرف منه» ) . ثم قال: ... ( «يقيمون حروفه» ) . إذًا أطلق الحرف على القرآن، وقال هنا في قول أبي بكر وعمر (أحب إلينا من حفظ بعض حروفه) . فأطلقوا الحروف على القرآن، وقال علي: (من كفر بحرف منه) . يعني: متفق عليه وليس مختلفًا فيه، (قالوا اتخذ الله ولدًا) [البقرة: 116] ، {وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً} [البقرة: 116] في بعض القراءات دون بعضها (من كفر بحرف منه فقد كفر به كله) ، وفي قول أبي بكر وعمر وعلي أن القرآن مركب من حروف، (واتفق المسلمون على عد سور القرآن) ، يعني: على جواز عده، أما العد فليس متفق عليه، واتفق المسلمون على جواز عد سور القرآن، وأنه أربعة عشر ومائة، (وآياته وكلماته وحروفه) وهذا دليل على أن القرآن مركب من آيات وهذه الآيات مركبة من كلمات وهذه الكلمات مؤلفة من حروف.

(ولا خلاف) حكى الإجماع (ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة، أو آية، أو كلمة، أو حرفًا متفقًا عليه) انتبهوا هنا (حرفًا متفقًا عليه) احترازًا من الحرف المختلف فيه بين القراء، [في سورة .. ] ما من موضع في القرآن إلا وفيه، في قراءتنا {تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} إلا في موضع واحد {تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [التوبة: 100] في سورة براءة، قرأها ابن كثير (من تحتها) كذلك على الأصل، حينئذٍ في قراءتنا دون من، وهي منكرة عندنا، يعني: نقول: لا نزيدها في قراءة حفص، ومن زادها من فهي في قراءته، هذا القول أو هذا الحرف مختلف فيه بين القراء، فمن أنكره فهذا لا يكفر، من أنكره لا يكفر كما ذكرنا في الآية السابقة، أما المتفق عليه بين القراء فهذا من أنكره فهو كافر، (أو حرفًا متفق عليه أنه كافر، وفي هذا) ، أي نفي الخلاف الإجماع، (حجة قاطعة على أنه حروف) ، لأن الحكم هنا معلق على حرف، فإذا أنكر حرفًا واحدًا من القرآن مجمع عليه دل على أنه كافر، إذًا القرآن مؤلف من حروف.

إذًا هذا خلاصة ما أراده المصنف رحمه الله تعالى أن القرآن هو كلام الله عز وجل منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وهو مسموع بحرف وصوت مسموع، وهو مؤلف من كلمات وحروف، والله أعلم.

وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام