فهرس الكتاب
الصفحة 232 من 401

(وقال عليه الصلاة والسلام: «اقرءوا القرآن» ) هذا أمر بقراءة القرآن ( «قبل أن يأتي قوم يقيمون حروفه» ) ، سماه حروف، إذًا القرآن مشتمل على حروف فهذا المراد فأطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا ( «يقيمون حروفه» ) ، يعني: حروف القرآن، إذًا القرآن له حروف، وهذه الحروف المراد بها حروف التهجي، وهذه حروف التهجي هي أجزاء للكلمات، إذًا القرآن مؤلف من كلمات، وهذه الكلمات مؤلفة ومركبة من حروف، ... ( «يقيمون حروفه إقامة السهم» ) ، يعني: مستقيم يأتون به على الجادة، ( «لا يجاوز تراقيهم» ) الترق هو هذه عظمة مشرفة بين ثغرة النحر والعاتق، وهما ترقوتان يجمع على تراقي ( «يتعجلون أجره ولا يتأجلونه» ) ( «يتعجلون أجره» ) ، يعني: ثوابه في الدنيا، يعني: يقرؤون من أجل العمل الدنيوي يطلبون به ثوابًا ماديًّا، ( «ولا يتأجلونه» ) ، يعني: يؤجلونه إلى الآخرة، أي: يقرؤونه بألسنتهم ويجودنه، لكن لا يصل إلى قلوبهم ولا يتأثرون بمواعظه وزواجره، وإنما هو يخرج من الفم ولا يصل إلى الجوف وهو معنى مجاوزة التراقي ثم ذكر أنهم يقرؤونه لتحصيل أجرة دنيوية عاجلة ولا يؤجلون الأجر إلى الآخرة، وهذا يدل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يعتني بالحروف دون أن يقف على المعاني القرآن لم ينزل من أجل أن تقيم حروفه فحسب، وإنما هو يقرأ ليعمل به، وليس المراد به أن يعلق على الجدران وأن يقرأ في المحافل والمآتم ونحو ذلك، وإنما المراد به أن يقرأ من أجل العمل، ولذلك الاعتماد على الفقه في معاني القرآن أولى من أن يعتكف الإنسان عدد سنين من أجل إقامة حرف فلان وفلان، (وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما: إعراب القرآن أحب إلينا) الحديث السابق هذا ورد بألفاظ متقاربة من حديث سهل بن سعد وفي إسناده الوفاء بن شريح الصدفي قال عنه ابن حجر: مقبول. والحديث قوي وصحح إسناده الشيخ الألباني في الصحيحة.

(وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما: إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه) ، يعني: الحفظ المجرد عن الإعراب، والمراد أن يحفظ مع إعرابه، بمعنى أنه يجوده، لكن ليس التجويد هو المقصد، وإنما المقصد هو إقامة المعاني.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام