(وقوله تعالى في الكفار: {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 6] ) كما ذكرنا سابقًا نحن نذكر عقيدة السلف، وليس ثَمَّ فقه مقارن هنا حتى نذكر أقوال المخالفين والرد عليهم، هذه إنما يأخذها طالب العلم من مظانها، يقرأ، وبعد ما يقرأ هذه الكتب يرجع إلى كتب القواعد، فيعرف مآخذ هؤلاء المحرفين، يعني: بدل من أن تقف معنى اليد أوله مثلاً بالقوة أو النعمة والرد عليهم، هذا كله من باب التطبيق فقط، تطبيق للقواعد ما هي القواعد التي ترد بها على الأشاعرة؟ تعرف ما استدلوا به وتعرف ما يَسْتَدِلُّ به أهل السنة والجماعة وطريقة إثبات الصفات عند أهل السنة والجماعة، يعني: فهمًا واستدلالاً، حينئذٍ تنقض ما عند الأشاعرة وغيرهم، وأما الوقوف مع كل نصٍ وجعل العقيدة كالفقه المقارن يذكر القول وما يخالفه ويرد كذا إلى آخره، نقول: هذه ليست بطريقة سليمة إنما يرجع إلى يدرس (( الحموية ) )بتوسع، ويدرس (( التدمورية ) )بتوسع، ويدرس (( القواعد المثلى ) )للشيخ ابن عثيمين بتوسع، وكذلك ما كتبه ابن القيم في (( بدع الفوائد ) )، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الكتب المتناثرة، فيضبط ما عليه الأشاعرة، وإن أراد أن يضبط هذا الباب يرجع إلى كتب الأشاعرة أنفسهم، تقرير معتقد الأشاعرة فينظر في أصولهم وما فَرَّعُوا على هذه الأصول ثم ينقض الأصول ولا يشتغل بالفروع، لأنه إذا انتقض عنده الأصل سقط كل ما بني عليه، ويكون الجواب واحدًا، ولذلك من يشرح مثل هذا أقوال الأشاعرة يقول: والجواب كما سبق والجواب كما سبق. لأن الجواب واحد فتنظر في أقوالهم ومبناها فتنقض المبنى، وأما الفروع فهذه أمرها سهل، وليست كتب العقيدة كما ذكرت فقه مقارن فتنظر في أقوال كلٍّ وهذا أرى أنه من الغلط، (وقوله تعالى في الكفار: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} ) ، إذًا هذا متعلقٌ بالكفار دون المؤمنين، (قوله في الكفار) هل له مفهومٌ أو لا؟ ليس له مفهوم، يعني: في هذا الموضع الله عز وجل، ولذلك قال في شأن {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ} [النساء: 93] هذا مؤمن أو كافر؟ مؤمن في الأصل، إذًا (قوله في الكفار) لا مفهوم له، ( {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} ) ( {غَضِبَ اللَّهُ} ) أسند الفعل إلى الرب جل وعلا إلى نفسه فدل على ثبوت هذه الصفة له مطلقًا، سواءٌ كان على الكفار أو عن غيرهم، إذًا الصفة السابعة الغضب، وذكر المصنف آيةً واحدة، الغضب من الصفات الثابتة لله تعالى بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: ( {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} ) وهي آية المصنف، وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب كتابًا عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي» . «غضبي» أضافه إلى نفسه، متفقٌ عليه، وأجمع السلف على ثبوت الصفة الغضب لله تعالى من غير تحريفٍ ولا تعطيل ومن غير تكييفٍ ولا تمثيل، وهي صفةٌ ثابتة لله تعالى على الوجه اللائق به وهي من صفاته الفعلية، لأنه يغضب في وقتٍ دون وقتٍ.