فدل على القاعدة الأصولية، عند الأصوليين أن المفرد إذا أضيف أفاد العموم، والعموم يصدق على الاثنين، الاثنين في المذكر والثنتين في المؤنث وما زاد على ذلك، إذًا لا تعارض بين المفرد والمثنى، أما الإفراد فإن المفرد المضاف يفيد العموم، يعني: إضافته تكون ماذا؟ للجنس، فيشمل كل ما ثبت لله تعالى من يد، ولا ينافي الثنتين فلا يمنع التعدد، إذًا المفرد لا يمنع التعدد، وأما التثنية فهي المراده هي المنصوص عليها، وأما التثنية فهي المراده وقد أجمع السلف على أن لله تعالى [اثنتين] يدين اثنتين فقط دون زيادة لدلالة الكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله في سورة ص: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} . بيدين {بِيَدَيَّ} حذفت النون للإضافة، والمقام مقام تشريف، ولو كان لله تعالى أكثر من يدين لذكر ذلك، لأنه كلما ازدادت الصفة التي بها خلق الله هذا الشيء ازداد تعظيمُ هذا الشيء، وإنما أراد الله عز وجل هنا الرد على إبليس في ذلك، كما ذكرنا في الرد على اليهود، والآية الأخرى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} كما سبق تقريره، لأنه في مقام العطاء والرد على من اتهم الرب جل وعلا بالبخل، ومن السنة حديث: «يطوي الله تعالى السماوات بيمينه والأرض بيده الأخرى» . دل على أن ثَمَّ تقابل بين اليمنى واليسرى وقوله: «كلتا يديه يمين» . ولم يذكر أكثر من اثنتين، والإجماع كما سبق، إذًا بدلالة الكتاب والسنة والإجماع أن العدد محصور في اثنين لا واحد ولا أكثر من ذلك، فإذا تقرر ذلك فقوله تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} . هنا يَرِدُ الإشكال، أيدي جمع وفيه إضافة الصفة إلى الله تعالى، وقد وقع تعارض مع التثنية، حينئذٍ لنا جوابان:
-إما أن يقال بأن أقل الجمع اثنان على قول بعضهم، وهو منصوص الإمام مالك رحمه الله تعالى حينئذٍ لا تعارض إذا قيل: بأن أقل الجمع اثنان لا تعارض، لأن قوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} . يعني: اثنتين، فحصل التطابق والتوافق مع قوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} .