فهرس الكتاب
الصفحة 140 من 401

قال رحمه الله تعالى: (فمما جاء من آيات الصفات قول الله عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] ) . إلى آخر ما ذكره، سبق أن الصفات مما جاء (فمما) الفاء للتفريع، يعني: تفرع عن القواعد السابقة التي ذكرها ضمنًا، كلام الشافعي ومن بعده وما ذكره سابقًا يتفرع على ما سبق مما جاء من آيات الصفات، مما يعني: شيء يسير لا يريد الاستقصاء في ذكر صفات الرب جل وعلا، وإنما أراد التمثيل لأن التقعيد هنا إنما هو تقعيد لأصول أهل السنة والجماعة في رأيه هو، يريد أن يذكر بعض الأمثلة على هذه الأصول، يعني: ما الذي نفعله؟ كيف نطبق هذه الأصول التي سبقت؟ فيقرأ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} على كلامه {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} ما معنى الوجه؟ الله أعلم، ( {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] ) ما معنى اليدان؟ هذه من آيات الصفات حينئذٍ نفوض المعنى والكيف، هذا باطل وإنما نقول: {وَجْهُ رَبِّكَ} هذا لفظ لغوي دل على معنًى من المعاني تعرفه العرب فنثبت مدلول اللفظ مع قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} . فنثبت لله عز وجل وجهًا يليق بجلاله ولا يماثل هذا الوجه وجه المخلوقين، إذًا مما، من هنا للتبعيض، يعني: بعض مما ورد في آيات الصفات وسيأتي شيئًا أو سيأتي شيءٌ من السنة، (من آيات الصفات) قلنا: الصفات هذه توقيفية، والتوقيف بمعنى أنه لا يقال به إلا بنص، إذا قيل: هذا الأمر توقيفي، الصفات توقيفية، والعقيدة توقيفية وكذلك أصول الدين على جهة العموم توقيفية، بمعنى أنه موقوف على السماع نتوقف فيه، القول فيه ممنوع حتى يرد السمع بمعنى نص من الكتاب والسنة هذا المراد بالتوقيفي، إذا قيل الصفات توقيفية بمعنى أنه لا يحل لمسلم أيًّا كان عالِمًا أو دونه أن يثبت لله تعالى صفة من الصفات ويقول: إن الله تعالى متصف بهذه الصفة إلا بنص من كتاب أو سنة أو إجماع. والإجماع هذا بعضهم نازع في كونه تثبت به الصفات والصحيح أنه تثبت به الأسماء والصفات، لكن على المقرر عند أهل الأصول أن الإجماع لا يكون إلا بمستند شرعي، ليس عندنا إجماع متصور في ما يثبت به من الأحكام سواء كانت أحكام عقدية أو أحكام فرعية عملية إلا وهذا الإجماع مستند إلى قول لله عز وجل أو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قد ينقل هذا الدليل وقد لا ينقل، حقيقة الإجماع أنه اتفاق طائفة أو اتفاق كل الفقهاء على مدلول نص بأن هذا النص دل على هذا الحكم فلا يفهم من قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [البقرة: 43] إلا وجوب الصلاة، إذًا نقول: وجوب الصلاة هذا مجمع عليه لقوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام