قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم) . كما هو في بعض النسخ كعادته رحمه الله تعالى إنما يستفتح رسائله بالبسملة دون ذكر الحمدلة، والشهادتين وما يتعلق بمقدمةٍ جرى عليها أكثر المصنفين المؤلفين المتأخرين فيما كتبوه وقرروه، وذلك كما ذكرنا مرارًا بأن هذه الرسائل الصغيرة التي يؤلفها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى إنما المراد بها الاختصار، وإذا كان حينئذٍٍ الاختصار هو المقصود كان تعجيل الفائدة مقصودًا لذاته حينئذٍٍ بدلاً من أن يُقَوِّلَ على العامة وعلى الخاصة بمقدمة يطول فيها الحديث شرع ابتداءً في ذكر ما يتعلق بالمقصود كما هو الشأن في كتاب التوحيد حيث قال: بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد. ... إلى آخره، وكذلك الشأن في المسائل الأربع والمسائل الثلاث، وكذلك القواعد الأربع وهذه جرت على طريقته رحمه الله تعالى، ومن المقاصد العظام لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في تأليف هذه الرسائل المختصرة أنه يخاطب بها العوام كما أنه يخاطب بها الخواص، فثَمَّ ما وقع من المخالفين الشرك والابتداع قديمًا وحديثًا إنما هو كائن في جهتين: إما من جهة علماء السوء وعلماء الفتنة وعلماء الشرك، وإما من جهة من يقلد هؤلاء العلماء. فما من وسيلة من وسائل الشرك يقترفها العامة إلا وتجد من يبينها ويؤصلها من أهل العلم، ويسمى من أهل العلم لكونه في ظاهره منتسبًا إلى العلم وإن كان العلم منه بريء، ثم هؤلاء العامة إنما يقلدون هؤلاء المتبوعين حينئذٍٍ وقع الشرك ووقعت البدعة كذلك في طرفين اثنين لا ثالث لهما إما عالم وقد يكون هذا العالم مقلدًا لغيره من سبق في بيان الشرك وبيان البدعة، وقد يكون هو في نفسه مؤصلاً لهذا الشرك ولهذه البدعة كما هو معلومٌ حديثًا وقديمًا، وكذلك العوام إنما يقلدون من يظنون أو يحسنون الظن فيهم فحينئذٍٍ جاءت البلية من الطرفين، وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى بكتبه ورسائله يخاطب طائفتين: طائفة العلماء، وطائفة الأتباع أي المتبوعين من العلماء والرؤساء والحكام كذلك والأتباع الذين هم مقلدون. فقال: (بسم الله الرحمن الرحيم) . واختصر عليها لأنها أبلغ الذكر، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقتصر عليها في رسائله كما جاء في الصحيح البخاري بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم. وهذه أجراها شيخ الإسلام مَجرى، أجراها مُجرى الرسائل حينئذٍٍ اكتفي بالبسملة، بل قد نص بعضهم على أن البسملة إنما تكون في الرسائل ولا يكون في الرسائل الحمدلة ونحو ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كتب رسالةً اكتفي فيها بالبسملة، وإذا خطب خطبة جاء بالحمدلة ولم يذكر البسملة، حينئذٍٍ تكون البسملة في الرسائل وتكون الحمدلة في الخطب والكتب نحو ذلك، وهذا قول له وجاهة وحظ من النظر.
قال رحمه الله تعالى:
(هذه أمور خالف فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما عليه أهل الجاهلية الكتابيين والأميين مما لا غنى للمسلم عن معرفتها.
فالضد يظهر حسنَه الضدُ
وبضدها تتبين الأشياءُ