يبدأ من:
* المسألة السابعة بعد المائة: الكفر باليوم الآخر.
وينتهي إلى:
* المسألة الثامنة والعشرون بعد المائة: كراهة التزويج بين العبدين.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(السابعة بعد المائة) أي: (المسألة السابعة بعد المائة: الكفر باليوم الآخر) . الكفر والجحود كما هو معلوم (باليوم الآخر) المراد به يوم القيامة، ويصدق على بعض التفاصيل يوم القيامة، بمعنى أن الكفر به قد يكون كلاًّ وقد يكون جزءًا، فمن خصال أهل الجاهلية عدم الإيمان باليوم الآخر وهو يوم القيامة، وكانوا ينكرون المعاد والبعث، ويستبعدون أن تكون الأجسام تبعث من بعد إرامها وإنكار البعث أنه لا يُبْعَث من في القبور يستلزم إنكار ما بعده من الحساب والجزاء وغير ذلك من تفاصيل ذلك اليوم من بابٍ أولى وأحرى، إذ أنكر أنه لن يخرج من قبره حينئذٍ ما بعده من الحساب والصراط والجنة والنار من بابٍ أولى وأحرى. قال تعالى في قوم عاد: {ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ * فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ * وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ} [المؤمنون: 31، 33] . كذبوا بلقاء الآخرة وهو يوم القيامة {وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} إلى أن قال: ... {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ} [المؤمنون: 35] . هذا هو حقيقة البعث {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [المؤمنون: 36، 37] دل ذلك وهذا النص على أنهم كانوا ينكرون يوم القيامة جملةً وتفصيلاً، وقال تعالى: {وَأَقْسَمُواْ بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللهُ مَن يَمُوتُ} ... [النحل: 38] ، {وَأَقْسَمُواْ بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي: أن المشركين حلفوا فأقسموا بالله {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي: اجتهدوا في الحلف وغلَّظوا الأيمان على أنه لا يبعث الله من يموت، كل من مات حينئذٍ فَنِيَ ولا عودة ولا إعادة، أي: استبعدوا ذلك وكذَّبوا الرسل في إخبارهم لهم بذلك وحلفوا على نقيضه، الإيمان باليوم الآخر إثباته هو الذي جاءت به الرسل، وهم قسموا وأقسموا بالله وأحلفوا وحلفوا وغلّظوا الأيمان على نقيضه وهو إنكار واستبعاد البعث. وقال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 78: 80] . قال مجاهد وعكرمةٌ وقتادة: جاء أُبَيّ بن خلف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه يده عظم الرميم. يعني: بالي، وهو يفته ويذروه في الهواء وهو يقول: يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا. قال - صلى الله عليه وسلم: «نعم، يميتك الله تعالى، ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار» .