فهرس الكتاب
الصفحة 176 من 397

يبدأ من:

* المسألة السادسة والعشرون: تحريف كتاب الله من بعد ما عقلوه وهم يعلمون.

وينتهي إلى:

* الرابعة والثلاثون: أن كل فرقة تدعي أنها الناجية.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد.

وقفنا عند المسألة السادسة والعشرين من مسائل أو من المسائل التي خالف فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الجاهلية.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(السادسة والعشرون: تحريف كتاب الله من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) .

التحريف مصدر حَرَّفَ يُحَرِّفُ تَحْرِيفًا، وتحريف الشيء إمالته كتحريف القلم، وتحريف الكلام أن تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين، قاله في المفردات، يعني يكون الكلام محتمل لوجه آخر لكنه ليس بظاهر فيه، تصريف المعنى إلى معنًى لا يحتمله اللفظ ابتداءً وإنما قد يحتمله اللفظ من جهة التعسف، وهذا كما يسمى عند بعضهم بالمجاز المتكلَّف، أو صرف اللفظي بدعوى المجاز، قد يكون ثَمَّ مجاز لكنه مجاز بعيد، ولذلك من يثبت المجاز يقسمون المجاز إلى نوعين: مجاز قريب، ومجاز بعيد. لا يحمل اللفظ على مجازه البعيد إلا بقرينة واضحة بينة إن كان كذلك قد يكون في بعض المواضع، هنا يحمل الكلام على احتمال يكون اللفظ له وجهٌ، يعني يحتمله من جهة اللغة لكنه ليس بظاهر فيه، ومعلوم أن اللفظ قد يكون ظاهرًا في الدلالة على المعنى، قد يكون نصًّا في الدلالة على المعنى، ولذلك ثَمَّ تقسيمات عند الأصوليين بدلالات الألفاظ إلى مجمل وظاهر ونص، والمجمل هو الذي احتمل معنيين دون ترجيح، ما احتمل معنيين بلا دلالة ظاهرة على أحد الاحتمالين، حينئذٍ لا يحمل على واحد منهما إلا بقرينة، والأصل في اللفظ المجمل التوقف فيه حتى تدل القرينة الخارجة عن أحد الاحتمالين، يعني: حمله على أحد الاحتمالين، وأما الظاهر فهو يحتمل معنيين لكنه في أحدهما أظهر من الآخر، يعني: المعنى الذي يتبادر له من اللفظ هو هذا المعنى، ويحتمل معنًى آخر، لكنه ليس بظاهر، ولذلك قعد الأصوليون قاعدة أن اللفظ يحمل على ظاهره، متى يحمل على المعنى المرجوح الذي ليس بظاهر متى يحمل؟ إذا دل الدليل على أن اللفظ المراد به المعنى الباطل أو المعنى المرجوح، حينئذٍ لا إشكال في حمله على المعنى المرجوح، والتحريف نوعان: تحريف لفظي، وتحريف معنوي.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام