فهرس الكتاب
الصفحة 107 من 188

من حُرم هذه النّعم، وحالَ من كان يحيا حياة الغيِّ والضلالِ، لا يدري الهدفَ من سيره، وما هي الغاية التي يسعى إليها من مسيره، قال تعالى: {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (22) سورة الملك، وقال أيضاً في حق الضالين عن هديه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (179) سورة الأعراف .

5)-إنه يمنحُ المؤمن الشعورَ بالراحة والطمأنينة، وذلك بمعرفته أن َّالله سبحانه قد أنزل على كلِّ قوم ٍمن الشرائع ما يناسبُ حالهم، ويحققُ حاجتهم، ويهديهم لما فيه صلاحُ أمرهم في الدنيا والآخرة، قال تعالى: { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } (المائدة: 48) ،فإذا كان المؤمن على بينة من هذه السنَّة الإلهية ازداد إيماناً مع إيمانه، ويقيناً فوق يقينه، فيزدادُ حباً لربه ومعرفةً له وتعظيماً لقدره، فتنطلقُ جوارحه عاملةً بأوامر الله فتتحقق الغاية العظيمة من الإيمان بالكتب - وهي العمل بما فيها - فينالُ ثمرة هذا الإيمان سعادةً في الدنيا وفوزاً في الآخرة، وقد وعد الله عز وجل العاملين بشرعهِ الخير والبركات في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ والأرض } (الأعراف:96) وقال أيضاً: { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُون َ} (المائدة:66) .

إن هاتين الآيتين تقرران أصلا كبيرا من أصول التصور الإسلامي،ومن ثم فهما تمثلان حقيقة ضخمة في الحياة الإنسانية.ولعل الحاجة إلى جلاء ذلك الأصل،وإلى بيان هذه الحقيقة لم تكن ماسة كما هي اليوم والعقل البشري،والموازين البشرية،والأوضاع البشرية تتأرجح وتضطرب وتتوه بين ضباب التصورات وضلال المناهج،بإزاء هذا الأمر الخطير ..

إن اللّه - سبحانه - يقول لأهل الكتاب - ويصدق القول وينطبق على كل أهل كتاب - إنهم لو كانوا آمنوا واتقوا لكفر عنهم سيئاتهم ولأدخلهم جنات النعيم - وهذا جزاء الآخرة.وإنهم لو كانوا حققوا في حياتهم الدنيا منهج اللّه الممثل في التوراة والإنجيل وما

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام