وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر [1] .
ومعنى قوله تعالى:"ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ"أي: ما كان دون الموت فهو قريب، وقال الحسن البصري: مالم يغرغر [2] .
ولقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن من تاب إلى الله عز وجل وهو يرجو الحياة فإن توبته مقبولة ولهذا قال تعالى:"فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً"، وأما متى وقع اليأس من الحياة، وعاين ملك الموت وخرجت الروح في الحلق وضاق بها الصدر وبلغت الحلقوم وغرغر [3] النفس صاعدة للخروج من البدن، فلا توبة مقبولة حينئذ، ولهذا قال تعالى:"وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ" (النساء، آية: 18) .
1ـ قال تعالى:"فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ" (الواقعة، آية: 83ـ 85) . فلولا إذا بلغت الحلقوم أي: الروح، والحلقوم هو الحلق، وذلك حين الاحتضار"وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ"أي إلى المحتضر وما يكابده من سكرات الموت"وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ"أي بملائكتنا"وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ"أي ولكن لا ترونهم [4] .
(1) سنن الترمذي رقم 3537 حسن غريب.
(2) جامع البيان لابن جرير الطبري (8/ 9) بتصرف.
(3) اليوم الآخر عبد المحسن المطيري صـ55.
(4) المصدر نفسه صـ55.