"قَالَ قَرِينُهُ"هو الشيطان الذي وكل به"رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ"أي يقول عن الإنسان الذي قد وافى القيامة كافراً يتبرأ منه شيطانه فيقول:"رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ"، أي بل كان هو في نفسه ضالاً قابلاً للباطل معانداً للحق [1] ، فإذا سمع الكافر هذا من قرينه تحسر وتندم، قال تعالى:"وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ" (الزخرف، آية: 36، 38) [2] .
هـ ـ تخاصم المرء مع أعضاءه:
ويبلغ الأمر أشده والمخاصمة ذروتها عندما يخاصم المرء أعضاءه:
قال تعالى:"وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ" (فصلت، آية: 19، 22) .
6ـ مقتهم لأنفسهم: والمقت أشد البغض، فتصل كراهيتهم لأنفسهم في ذلك اليوم لأقصاها، قال تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ" (غافر، آية: 10) .
7ـ صفة حشر الكفار إلى النار
أ ـ حشرهم وهم عطاش:
(1) تفسير القرطبي (17/ 22) .
(2) اليوم الآخر في القرآن العظيم صـ267.