في حديث ابن مسعود في صحيح مسلم: أنَّ الجن سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم الزاد ، فقال: ( لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه ، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً ، وكل بعرة علف لدوابكم ) (1) .
فأخبر أن لهم دوابّ ، وأن علف دوابهم بعر دواب الإنس .
وأخبرنا ربنا أن للشيطان خيلاً يجلب بها على أعدائه من بني آدم قال تعالى: ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ) [الإسراء: 64] .
حيوانات تصاحبها الشياطين:
من هذه الحيوانات الإبل ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن الإبل خلقت من الشياطين ، وإن وراء كل بعير شيطاناً ) . رواه سعيد بن منصور في سننه بإسنادٍ مرسل حسن (2) . ومن أجل ذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مبارك الإبل ، فعن البراء بن عازب أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تصلوا في مبارك الإبل ، فإنها من الشياطين ، وصلوا في مرابض الغنم ، فإنها بركة ) (3) .
وعن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في أعطان الإبل ، فإنها خلقت من الشياطين ) (4) .
وهذه الأحاديث ترد على من قال: إنّ علة النهي عن الصلاة في مبارك الإبل نجاسة أبوالها وروثها ، فالصحيح أن روث وبول ما يؤكل لحمه غير نجس .
وقد تساءَل أبو الوفاء ابن عقيل عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الكلب الأسود شيطان ) ، ومعلوم أنه مولود من كلب ، و ( أن الإبل خلقت من الشياطين ) مع كونها مولودة من الإبل .
وأجاب: أنّ هذا على طريق التشبيه لها بالشياطين ، لأن الكلب الأسود أشرّ الكلاب وأقلعها نفعاً ، والإبل تشبه الجن في صعوبتها وصولتها ، كما يقال: فلان شيطان ؛ إذا كان صعباً شريراً (5) .
ويدل لصحة قول ابن عقيل أن الأحياء في عالمنا الأرضي مخلوقة من الماء ، كما قال تعالى: ( وجعلنا من الماء كُلَّ شيٍ حَيٍّ ) [ الأنبياء: 30 ] ، والشياطين مخلوقة من النار .
(1) رواه مسلم: 3/332 . ورقمه: 450 .
(2) صحيح الجامع: 2/52 .
(3) رواه أبو داود . انظر صحيح سنن أبي داود: 1/37 . ورقمه: 169 .
(4) صحيح سنن ابن ماجة: 1/128 . ورقمه: 623 .
(5) آكام المرجان: ص22 . لقط المرجان: ص42 .
ــــــــــــ