وقلب قد امتلأ من جلال الله - عزّ وجلّ - وعظمته ومحبته ومراقبته والحياء منه ، فأي شيطان يجترئ على هذا القلب ؟ وإن أراد سرقة شيء منه ، فماذا يسرق ؟ وغايته أن يظفر في الأحايين منه بخطفة ونهب يحصل له على غرة من العبد وغفلة لا بد له منها ، إذ هو بشر ، وأحكام البشرية جارية عليه من الغفلة والسهو والذهول وغلبة الطبع .
وقلب فيه توحيد الله تعالى ، ومعرفته ، ومحبته ، والإيمان به ، والتصديق بوعده ، وفيه شهوات النفس وأخلاقها ، ودواعي الهوى والطبع .
وقلب بين هذين الداعيين ؛ فمرة يميل بقلبه داعي الإيمان والمعرفة والمحبة لله تعالى وإرادته وحده ، ومرة يميل بقلبه داعي الشيطان والهوى والطباع ، فهذا القلب للشيطان فيه مطمع ، وله منه منازلات ووقائع ، ويعطي الله النصر من يشاء: ( وما النَّصر إلاَّ من عند الله العزيز الحكيم ) [ آل عمران: 126 ] . وهذا لا يتمكن الشيطان منه إلا بما عنده من سلاحه ، فيدخل إليه الشيطان ، فيجد سلاحه عنده ، فيأخذه ويقاتل به ، فإن أسلحته هي الشهوات والشبهات والخيالات والأماني الكاذبة ، وهي في القلب ، فيدخل الشيطان فيجدها عتيدة ، فيأخذها ويصول بها على القلب ، فإن كان عند العبد عدة عتيدة ، من الإيمان تقاوم تلك العدة وتزيد عليها ، انتصف من الشيطان ، وإلا فالدولة لعدوه عليه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . فإذا أذن العبد لعدوه ، وفتح له باب بيته ، وأدخله عليه ، ومكنه من السلاح يقاتله به ، فهو الملوم .
فنفْسك لُم ولا تَلُم المطايا ومُت كمداً فليس لك اعتذارُ""
(1) تلبيس إبليس: 38 .
(2) صحيح سنن ابن ماجة: 1/225 . ورقمه: 2643 .
(3) صحيح الجامع: 4/147 .
(4) صحيح مسلم: 3/1651 . ورقمه: 2084 . وصحيح سنن أبي داود: 2/780 . ورقمه: 3489 .
(5) صحيح مسلم: 3/1607 . ورقمه: 2033 .
(6) صحيح الجامع: 3/137 .
(7) صحيح الجامع: 3/57 .
(8) رواه مسلم في صحيحه: 1/48-49 . ورقمه: (17) ، (18) .
(9) رواه البخاري: 6/338 . ورقمه:3289 . ورواه مسلم: 4/2293 . ورقمه: 2994 . واللفظ للبخاري . ورواه الترمذي . انظر صحيح سنن الترمذي: 2/355 . ورقمه: 2206 .
(10) صحيح الجامع: 2/72 .
(11) ليردني إلى منزلي .
(12) صحيح البخاري: 6/336 . ورواه مسلم: 4/1712 . ورقمه: 2175 . واللفظ لمسلم .
(13) تلبيس إبليس: 46 .
(14) الوابل الصيب: ص21 .
(15) رواه البخاري: 2/234 . ورقمه: 751 .
(16) يزك ويسك (بالتركية) : بمعنى المنع والحظر والزجر .
ــــــــــــ