عالمُ الجِنِّ والشَّياطِينِ
الدكتور عمر سليمان الأشقر
جمعه ورتبه ونسقه
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فهذا كتاب من كتب العقيدة النفيسة للدكتور عمر سليمان الأشقر ( حفظه الله ) تكلم فيه المؤلف عن عالم الجن والشياطين ، وأهم الموضوعات الرئيسة التي تعرض لها هي:
التعريف بعالم الجن والشياطين - إثبات وجود الجن -طعام الجن وشرابهم ونكاحهم -مساكن الجن ومجالسهم وأماكنهم وموتهم -مساكن الجن ومجالسهم وأماكنهم.... -قدرات الجن وعجزهم.... -دواب الجن ومراكبهم -تكليف الجن.... -العداء بين الإنسان والشيطان وأسبابها -أسلحة المؤمن في حربه مع الشيطان. ...
وهذا الكتاب لم يكن موجودا على النت ، وقد بحثت عنه طويلا ، والأمكنة الموجود فيها كانت مضروبة ، أو تحتاج لتسجيل في الموقع ، أو فيها باسورد للكتاب .
وفي النهاية استطعت الحصول على نسخة (pdf ( ومعرفة الباسورد ففكتها بعون الله تعالى ، وهي نسخة مصورة جيدا للطبعة الأولى للكتاب وعدد صفحاتها(194) صفحة .
وقد وجدت كتب الدكتور عمر في موقع على النت
وهي موجودة في الموقع كملفات نت مفتوحة ، وليس فيها مقدمة الكتاب ، فقمت بإنزالها ملفاً ملفاً ، وجمعتها ، ورتبتها ونسقتها ، وفهرستها على الورد ، وقمت بوضعه في الشاملة 3 وفهرسة عناوينه الرئيسة ليعم النفع به ، ولا سيما أن كتب الدكتور (عمر ) من الكتب النافعة والقيمة فيما أرى.
وهذا الموضوع بالذات قد زلت فيه أقلام كثيرة ، وابتعدت عن هدي الكتاب والسنة وأقوال الأئمة السابقين المعتبرين
خاصة وأن عالم الجن والشياطين عالم مجهول بالنسبة لنا ولكن ورد الخبر السمعي القطعي بوجودهم ، فكان بهم من لوازم الإيمان بالغيب .
قال تعالى بشأنهم: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آَمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) [الجن/1-15]
وقد كتبت فصلا مطولا في كتابي (( أركان الإيمان ) )عن الإيمان بالجن وصفاتهم وعلاقتهم بالإنس ، وهو في مكتبة صيد الفوائد .
نسأل الله تعالى أن يقينا وإياكم شرور الجن والإنس ، وأن ينفع به مؤلفه وجامعه وناشره والدال عليه في الدارين .
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
في 25 شعبان 1429 هـ الموافق ل 27/8/2008 م
الجن عالم مستقل:
الجن عالم غير عالم الإنسان وعالم الملائكة ، بينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك ، ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر، ويخالفون الإنسان في أمور أهمها أن أصل الجان مخالف لأصل الإنسان .
لماذا سمّوا جنّاً:
وسمو جنّاً لاجتنانهم ، أي: استتارهم عن العيون ، قال ابن عقيل:"إنما سمّي الجن جنّاً لاجتنانهم واستتارهم عن العيون ، ومنه سمي الجنين جنيناً ، وسمّي المجنّ مجناً لستره للمقاتل في الحرب" (1) .
وجاء في محكم التنزيل: ( إنَّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) [ الأعراف: 27 ] .
أصلهم وخلقهم
المطلب الأول
أصلهم الذي منه خلقوا
أخبرنا الله - جلّ وعلا - أن الجنّ قد خُلقوا من النار في قوله: ( وَالْجَآنَّ خلقناه من قبل من نّار السَّموم ) [ الحجر: 27 ] ، وفي سورة الرحمن: ( وخلق الجانَّ من مَّارجٍ من نَّارٍ ) [ الرحمن: 15 ] . وقد قال ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، والحسن وغير واحد في قوله: ( مَّارجٍ من نَّارٍ ) : طرف اللهب ، وفي رواية: من خالصه وأحسنه (2) : وقال النووي في شرحه على مسلم:"المارج: اللهب المختلط بسواد النار" (3) .
وفي الحديث الذي أخرجه مسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خلقتْ الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم ) (4) .
المطلب الثاني
ابتداء خلقهم
لا شك أن خلق الجن متقدم على خلق الإنسان ؛ لقوله تعالى: ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصالٍ من حَمَإٍ مَّسنونٍ - والجآنَّ خلقناه من قبل من نَّار السَّموم ) [ الحجر: 26-27 ] ، فقد نصّ في الآية أن الجان مخلوق قبل الإنسان . ويرى بعض السابقين أنهم خلقوا قبل الإنسان بألفي عام ، وهذا لا دليل عليه من كتاب ولا سنّة .
المطلب الثالث
صفة خلقة الجن
نحن لا نعرف من خلقتهم وصورهم وحواسهم إلا ما عرفنا الله منها ، فنعلم أن لهم قلوباً قال تعالى: ( ولقد ذرأنا لجهنَّم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلُّ ) [الأعراف: 179] .
فقد صرح - تبارك وتعالى - بأن للجن قلوباً ، وأعيناً وآذاناً ، وللشيطان صوتاً ، لقوله تعالى: ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك ) [ الإسراء: 64 ] . وثبت في الأحاديث أن للشيطان لساناً ، وأن الجان يأكلون ، ويشربون ، ويضحكون ، وغير ذلك مما تجده مبثوثاً في هذا الكتاب .
المطلب الرابع
أسماء الجن في لغة العرب وأصنافهم
قال ابن عبد البر:"الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان على مراتب:"
1-فإذا ذكروا الجن خالصاً قالوا: جنّي .
2-فإذا أرادوا أنه مما يسكن مع الناس ، قالوا: عامر ، والجمع: عمّار .
3-فإن كان مما يعرض للصبيان قالوا: أرواح .
4-فإن خبث وتعرض ، قالوا: شيطان .
5-فإن زاد على ذلك ، فهو مارد .
6-فإن زاد على ذلك وقوي أمره ، قالوا: عفريت ، والجمع: عفاريت" (5) ."
وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ ( الجن ثلاثة أصناف: فصنف يطير في الهواء ، وصنف حيّات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون ) . رواه الطبراني ، والحاكم ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، بإسناد صحيح (6) .
(1) آكام المرجان في أحكام الجان: ص7 .
(2) البداية والنهاية: 1/59 .
(3) شرح النووي على مسلم: 18/123 .
(4) صحيح مسلم: 4/2294 . ورقمه: 2996 .
(5) آكام المرجان: 8 .
(6) صحيح الجامع: 3/85
.ــــــــــــ