فهرس الكتاب
الصفحة 9102 من 11953

وَأُوحِشَ، وَأَنَّهُ يُقَابلُ كُلُّ ذَلِكَ إِذَا وَجَدَ السَّبِيلَ إِلَيْهِ بِمِثْلِهِ، بَلْ يَضُمرُ أَنَّهُ لاَ يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَيُقَابِلُ كَلًّا مِنْهُ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ وَأَقْرَبُ إِلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَأَشْبَهِ بِمَا يُحْمَدُ وَيُرْضَى، ثُمَّ يَكُونُ فِي إيفاءِ مَا يَكُونُ عَلَيْهِ، كَهُوَ فِي حَطِّ مَا يَكُونُ لَهُ، فَإِذَا مَرِضَ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ عَادَهُ، وَإِنْ جَاءَهُ فِي شَفَاعَةٍ شفعه، وَإِنِ اسْتَمْهَلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ أَمْهَلَهُ، وَإِنِ احْتَاجَ مِنْهُ إِلَى مَعُونَةٍ أَعَانَهُ، وَإِنِ اسْتَسْمَحَهُ فِي بَيْعٍ سَمَحَ لَهُ، وَلاَ يَنْظُرْ إِلَى أَنَّ الَّذِي يعَامِلهُ كَيْفَ كَانَتْ مُعَامَلَتُهُ إِيَّاهُ فِيمَا خَلاَ، أَوْ كَيْفَ يُعَامِلُ النَّاسَ، إِنَّمَا يَتَّخِذُ الأَحْسَنَ إِمَامًا لِنَفْسِهِ، فَيَنْحُو نَحْوَهُ وَلاَ يُخَالِفُهُ.

وَالْخُلُقُ الْحَسَنُ قَدْ يَكُونُ غَرِيزَةً، وَقَدْ يَكُونُ مُكْتَسَبًا، وَإِنَّمَا يَصِحُّ اكْتِسَابُهُ لِمَنْ كَانَ فِي غَرِيزَتِهِ أَصْلٌ مِنْهُ فَهُوَ يَضُمُّ مَا باكتسابه إِلَيْهِ مَا يتممه، وَمَعْلُومٌ فِي الْعَادَاتِ أَنَّ ذَا الرَّأْيِ يَزْدَادُ بِمُجَالَسَتِهِ أُولِي الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى رَأَيًا، وَأَنَّ الْعَالِمَ يَزْدَادُ بِمُخَالَطَةِ الْعُلَمَاءِ عِلْمًا، وَكَذَلِكَ الصَّالِحُ والْعَاقِلُ بِمُجَالَسَةِ الصُّلَحَاءِ والْعُقَلاَءِ، فَلاَ يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ ذُو الْخُلُقِ الْجَمِيلِ يَزْدَادُ حُسْنَ الخُلُقِ بِمُجَالَسَةِ أُولِي الأَخْلاَقِ الْحَسَنَةِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام