السَّابِعُ وَالْخَمْسُونَ مِنْ شُعَبِ الإِيمَانِ وَهُوَ بَابٌ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ وَدَخَلَ فِي هَذَا كَظْمُ الْغَيْظِ، وَلِينُ الْجَانِبِ، وَالتَّوَاضُعُ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: وَمَعْنَى حُسْنِ الْخُلُقِ سَلاَمَةُ النَّفْسِ نَحْوَ الأَرْفَقِ الأَحْمَدِ مِنَ الأَفْعَالِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي ذَاتِ اللهِ تَعَالَى، وَقَدْ يَكُونُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ، وَهُوَ فِي ذَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُنْشَرِحَ الصَّدْرِ بِأَوْامِرِ اللهِ وَنَوَاهِيهِ، يَفْعَلُ مَا فَرَضَ عَلَيْهِ طَيِّبَ النَّفْسِ بِهِ، سَلِسًا نَحْوَهُ، وَيَنْتَهِي عَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِ، وَاسِعًا بِهِ صدره، غَيْرَ مُتَضَجِّرٍ مِنْهُ، وَيَرْغَبُ فِي نَوَافَلِ الْخَيْرِ، وَيتركَ كَثِيرًا مِنَ الْمُبَاحِ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى إِذَا رَأَى أَنَّ تَرْكَهُ أَقْرَبُ إِلَى الْعُبُودَةِ مِنْ فِعْلِهِ، مُتَبَشِّرًا لِذَلِكَ من غَيْرِ ضَجِرٍ مِنْهُ، وَلاَ مُتَعَسِّرٍ بِهِ، وَهُوَ فِي الْمُعَامَلاَتِ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَكُونَ سَمْحًا بِحُقُوقِهِ لاَ يُطَالِبُ غَيْرَهُ بِهَا، وَيُوَفِّي مَا يَجِبُ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ مِنْهَا، فَإِنْ مَرِضَ فَلَمْ يُعَدْ، أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَلَمْ يُزَرْ، أَوْ سَلَّمَ فَلَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ، أَوْ ضَافَ فَلَمْ يُكْرَمْ، أَوْ شَفَعَ فَلَمْ يُجَبْ، أَوْ أَحْسَنَ فَلَمْ يَشْكُرْ، أَوْ دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ فَلَمْ يُمَكَّنَ، أَوْ تَكَلَّمْ فَلَمْ يُنْصَتْ لَهُ، أَوِ اسْتَأْذَنَ عَلَى صَدِيقٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، أَوْ خَطَبَ فَلَمْ يُزَوَّجْ، أَوِ اسْتَمْهَلَ الدَّيْنَ فَلَمْ يُمْهَلْ، أَوِ اسْتَنْقَصَ فَلَمْ يُنْقَصْ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَغْضَبْ، وَلَمْ يُعَاقِبْ، وَلَمْ يَتَنَكَّرْ مِنْ حَالِهِ حَالٌ، وَلَمْ يَسْتَشْعِرْ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ جفَا،