وَالآخَرُ خَتْمُهُ النُّبُوَّةَ بِهِ ظَاهَرَ لَهُ بَيْنَ الْحُجَجِ, حَتَّى إِنْ شَذَّتْ وَاحِدَةٌ عَنْ فَرِيقٍ بَلَغَتْهُمْ أُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَنْجَعْ وَاحِدَةٌ نَجَعَتْ أُخْرَى، وَإِنْ دَرَسَتْ عَلَى الأَيَّامِ وَاحِدَةٌ بَقِيَتْ أُخْرَى، وَلِلَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ، وَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى نَظَرِهِ لِخَلْقِهِ, وَرَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ كَمَا يَسْتَحِقُّهُ.
وَذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى فُصُولاً فِي الْكَهَنَةِ، وَمُسْتَرِقِي السَّمْعِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ دَلاَئِلِ النُّبُوَّةِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ الأَخْبَارِ, ومَا وُجِدَ مِنَ الْكَهَنَةِ، وَالْجِنِّ فِي تَصْدِيقِ نَبِيِّنَا صَلى الله عَلَيه وَسَلم، وَإِشَارَاتِهِمْ علَى أَوْلِيَائِهِمِ من الإِنْسِ بِالإِيمَانِ بِهِ، وَلاَ يَجُوزُ عَلَى مُؤْمِنِي الْجِنِّ أَنْ يَحْمِلُوا أَوْلِيَاءَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عَلَى اللهِ، أَوْ عَلَى مُتَابَعَةِ مَنْ يَكْذِبُ عَلَى اللهِ، وَعَلَى كُفَّارِهِمْ أَنْ يَأْمُرُوا أَوْلِيَاءَهُمْ بِالإِيمَانِ بِمَنْ كَفَرُوا بِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْهُمْ إِنَّمَا هُوَ لِمَعْرِفَةٍ وَقَعَتْ لَهُ لصِدْقِهِ لِمَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ الإِنْسِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.