فهرس الكتاب
الصفحة 127 من 11953

وَكَيْفَ يَكُونُ الْعِلْمُ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعِلْمِ صِفَاتِهِ، وَمَعْرِفَةِ رُسُلِهِ، وَالْفَرْقِ بَيْنَ النَّبِيِّ الصَّادِقِ، وَبَيْنَ الْمُتَنَبِّئِ الْكَاذِبِ عَلَيْهِ مَذْمُومًا, أَوْ مَرْغُوبًا عَنْهُ؟ وَلَكِنَّهُمْ لِإِشْفَاقِهِمْ عَلَى الضُّعَفَاءِ أن لاَّ يَبْلُغُوا مَا يُرِيدُونَ مِنْهُ فَيَضِلُّوا، نَهُوا عَنِ الِاشْتِغَالِ بِهِ.

ثُمَّ بَسَطَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الْكَلاَمَ فِي التَّحْرِيضِ عَلَى تَعَلُّمِهِ إِعْدَادًا لأَعْدَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَالَ غَيْرُهُ فِي نَهْيِهِمْ عَنْ ذَلِكَ: إِنَّمَا هُوَ لأَنَّ السَّلَفَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْجَمَاعَةِ كَانُوا يَكْتَفُونَ بِمُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ, عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا، وَإِنَّمَا يَشْتَغِلُ فِي زَمَانِهِمْ بِعِلْمِ الْكَلاَمِ أَهْلُ الأَهْوَاءِ، فَكَانُوا يَنْهُونَ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِكَلاَمِ أَهْلِ الأَهْوَاءِ، ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الأَهْوَاءِ كَانُوا يَدَّعُونَ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ مَذَاهِبَهُمْ فِي الأُصُولِ تُخَالِفُ الْمَعْقُولَ، فَقَيَّضَ اللهُ تَعَالَى جَمَاعَةً مِنْهُمْ لِلِاشْتِغَالِ بِالنَّظَرِ، وَالِاسْتِدْلاَلِ, حَتَّى تَبَحَّرُوا فِيهِ، وَبَيَّنُوا بِالدَّلاَئِلِ النَّيِّرَةِ، وَالْحُجَجِ الْبَاهِرَةِ, أَنَّ مَذَاهِبَ أَهْلِ السُّنَّةِ تُوَافِقُ الْمَعْقُولَ، كَمَا هِيَ مُوَافَقَةٌ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، إِلاَّ أَنَّ الإِيجَابَ يَكُونُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لمَا يَجُوزُ فِي الْعَقْلِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ وَاجِبٍ، دُونَ الْعَقْلِ, وَقَدْ كَانَ مِنَ السَّلَفِ مَنْ يَشْرَعُ فِي عِلْمِ الْكَلاَمِ، وَيَرُدُّ بِهِ عَلَى أَهْلِ الأَهْوَاءِ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام