فهرس الكتاب
الصفحة 177 من 344

ولا بد من لزوم حمل الكلام على أحسن محامله، ما دام يحتمل ذلك، ومن إحسان الظن بالمسلمين، ولا بد أن نعلم بأن المسلم يوزن بحسناته وسيئاته، وأن العبرة بكثرة الصواب والمحاسن، ومن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله.

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد* جاءت محاسنه بألف شفيع [1]

وقد كان العلامة محمد الأمين الشنقيطي يقول: (اعلم أنك إن متَّ ولم تقل في فرعون شيئاً لم يؤاخذك الله تعالى بذلك يوم القيامة) [2] .

والشيخ الشنقيطي لا يقصد أن من لا يكفره لا يؤاخذه الله، لكنه يرد على من يقول: يجب أن تصرح بالكفر بالطاغوت دون أن تنظر إلى حال الاستضعاف، وإلا فكفره معلوم من الدين بالضرورة فلا نشتغل في كل مجلس بتكفيره.

نعم، إذا احتيج لِبيان الحكم بينا حكم الله فيه، بل: وجب عليه البيان.

ونحن نعلم أن التكفير والتفسيق حكم شرعي، وأن الشاب المتسرع الذي يكفر مسلماً وقع في كفر جهلاً، يفتات على الشرع، ويجزم أن هذا هو حكم الله ورسولِه.

وبعضهم يُقسم أن ما هو عليه من تكفير الموحدين: (هو الشرع الذي جاء به محمد-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) ، ويجهلون أن: شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم وغيرَهما قالوا: إن (لفظ"الشرع"يقال في عرف الناس على ثلاثة معان:

"الشرع المنَزَّل": وهو ما جاء به الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، وهذا يجب اتباعه، ومن خالفه وجبت عقوبته.

والثاني:"الشرع المؤَوَّل": وهو آراء العلماء المجتهدين فيها، كمذهب مالك ونحوه، فهذا يسوغ اتِّبَاعه، ولا يجب، ولا يحرم، وليس لأحد أن يُلزم عموم الناس به، ولا يمنع عموم الناس منه.

(1) -انظر: (مدارج السالكين) (1/ 328) ، و (كيف تصير عالماً في زمن النت؟) (ص:71) .

(2) -انظر: (الإكفار والتشهير ضوابط ومحاذير) (ص:33) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام