فهرس الكتاب
الصفحة 176 من 344

فدين المسلمين مبني على اتباع كتاب الله وسنة نبيه-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وما اتفقت عليه الأمة، فهذه الثلاثة هي أصول معصومة، وما تنازعت فيه الأمة ردوه إلى الله والرسول-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-.

وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، يوالي ويعادي عليها غير النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ولا ينصب لهم كلاماً يوالي ويعادي فيه غير كلام الله ورسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وما اجتمعت عليه الأمة، بل: هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو: كلاماً يفرقون به بين الأمة يوالون فيه على ذلك الكلام أو: تلك النسبة ويعادون.

والخوارج إنما تأولوا آيات من القرآن على ما اعتقدوه، وجعلوا من خالف ذلك كافراً، لاعتقادهم أنه خالف القرآن، فمن ابتدع أقوالاً ليس لها أصل في القرآن وجعل من خالفها كافراً كان قوله شراً من قول الخوارج).

وهؤلاء الشباب المتسرع في التكفير لا يعرفون إلا المبالغات والمجازفات في الأحكام على عباد الله الصالحين، لا يفرقون بين العالم المؤول المجتهِد، والجاهل المقلد، و (المجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق) ، يظنون أن الحكم بالكفر على الموحدين لمجرد خطأ هو التوحيد، ويظنون أنهم إذا لم يكفروا مخالفيهم فتوحيدهم مزكوم، الجهل فيهم ضَرَب بإطنابه [1] ، هلاَّ زَمُّوا ألسنتَهم بأزمة التقوى، وربطوا على قلوبهم برباط الورع، وحسَّنوا الظن بالمسلمين، وأن لا يتعجلوا بإصدار الأحكام-الجاهزة-حتى يقيموا عليهم البينة، وتنقطع المعذرة، وتُزال الشبهة، (ثم إذا ثبت خطؤه، وبان زلَلُه، نظر في سائر أمره، وعامة أحواله، فإن كانت على وجه السداد والمقاربة احتمل له ما لا يحتمل لغيره، وانغمرت زلته وهفوته في لُجة حسناته) [2] .

(1) -الأطناب: الأجزاء، أي: ضرب بكل ما يملك من قوة.

(2) -انظر: (الإحكام في قواعد الحكم على الأنام) (ص:16/ 17) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام