أنفسهم، وحرموا عليهم أشياء من قبل أنفسهم، فأطاعوهم فيها، واتخذوهم كأرباب في التحليل والتحريم ... لذا فإن كل إنسان يتبع إنساناً في كل زمان ومكان في تحليل أو: تحريم ما لم يأذن به الله كمن اتخذه رباً).
وجاء في: (الدرر السنية) [1] ما نصه: (فمن أعان على ترك واجب، أو: إباحة محرم من شعائر الإسلام، الظاهرة المعلومة من الدين بالضرورة فحكمه الكفر وإن ادعى الإسلام) .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي-رحمه الله تعالى-في: (الجامع) (2194) : (وقد فسر بعضهم تفسير الحلال باعتقاد حله، وتحريم الحرام باعتقاد حرمته، مع اجتنابه، ويحتمل أن يراد بتحليل الحلال إتيانه، ويكون الحلال هاهنا عبارة عما ليس بحرام، فدخل فيه الواجب، والمستحب، والمباح ويكون المعنى أنه يفعل ما ليس بمحرم عليه، ولا يتعدى ما أبيح له إلى غيره، ويجتنب المحرمات) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في: (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) (1/ 330) : ( ... فقد بيَّن أن من اتخذ الملائكة والنبئين أرباباً فهو كافر، فمن اتخذ مَن دونهم أرباباً كان أولى بالكفر، وقد ذكر أن النصارى اتخذوا من هو دونهم أرباباً بقوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْأَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} (سورة التوبة، رقم الآية:31) ... ).
وقد روي عن طائفة من السلف منهم ابن مسعود، وابن عباس-رضي الله عنهم-في قوله تعالى: (الذين آتيناهم الْكِتَابَ يتلونه حق تلاوته أُولئك يومنون به) [2] ، قالوا: يحلون حلاله، ويحرمون حرامه، ولا يحرفونه عن مواضعه، والمراد بالتحليل والتحريم: فعل الحلال، واجتناب الحرام، كما في هذا الحديث.
وقد قال الله تعالى-في حق الكفار الذين كانوا يغيرون تحريم الشهور الحرم-: (إنما النسيُّ زيادةٌ في الكفر يضل به الذِينَ كَفَرُوا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله) [3] ، والمراد: أنهم كانوا يقاتلون في الشهر الحرام عاماً، فيحلونه
(1) -انظر: (الدرر السنية) (8/ 28) .
(2) -سورة البقرة، رقم الآية: (120) .
(3) -سورة التوبة رقم الآية: (37) .