فهرس الكتاب
الصفحة 93 من 161

الدستور اعتبرها مصدرًا، ولكن يُطبق منها ما يأذن البرلمان المشرع بتطبيقه من حيث هو حكمه لا من حيث هو حكم الله.

وهذا هو نص فلاسفة الدولة المدنية كتوماس هوبز الذي قال:"إنَّ الكتاب المقدس لا يصبحُ قانونًا إلَّا إذا جعلَتْهُ السُّلطةُ المدنية الشرعية كذلك" (ص/258) .

سابعًا: المادة الثانية لا سلطان لها على القضاة في المحاكم وإنما هي تخاطب المشرعين في البرلمان. وبهذا أفتت المحكمة الدستورية العليا واستندت إلى المادة 165 في الدستور التي تنص على أن"الحكم في المحاكم بالقانون"، وشبيه بها مادة 46 من الإعلان الدستوري التي تنص على أن"السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون". ولهذا يُمنع أي قاض من أن يحكم بالشريعة بدلاً من القانون الوضعي، ومعروف في ذلك حادثة القاضي المصري المستشار محمد محمود غرّاب الذي حكم بالحد الشرعي على رجل ضُبط بحالة سكر بيّن بالطريق العام، فنُقض حكمه بموجب الدستور وتم عزله من العمل القضائي.

ملخص القول أن الشريعة الإسلامية في الدستور المصري ليست حاكمة بل هي محكومة. وتجدر الإشارة أني في هذه الحلقة أنقل كثيرًا عن مبحث على الإنترنت بعنوان"المادة الثانية في ميزان الإسلام حقائق مغيبة"، لم أستطع أن أحدد كاتبه، لم أجده، وهو مبحث عظيم النفع جدًا، من أرقى ما قرأت في طريقة توثيقه وعرضه وتأصيله، جزى الله كاتبه خير الجزاء، وأنصح إخواني جميعا بقراءته والاستفادة من منهجيته التوثيقية التحليلية.

هذه هي المادة الثانية وهذا هو تفسير المحكمة الدستورية لها في سياق الدستور. مادة مقيدة قاصرة مموهة مبتورة مزوية محكومة ذليلة، بينما شريعة الله عزيزة طاهرة مطلقة واضحة حاكمة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام