السلام عليكم ورحمة الله، إخوتي الكرام ذكرنا في الحلقة الماضية أن على الإسلاميين الذين خاضوا اللعبة الديمقراطية أن يحددوا هدفهم من مسلكهم هذا بوضوح: هل هو تطبيق الشريعة أم إصلاحات جزئية؟
أما إن كان الهدف تطبيق الشريعة وأسلمة المجتمع فإنه ليس من سنة الله تعالى أن يأذن للمؤمنين بالوصول إلى هذا الهدف العظيم من خلال التنازلات والمشاركة في لُعبة تجعل التشريع لغير الله تعالى. والله سبحانه هو الذي قرر أن أعدائنا {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217] ، وأعداء الشريعة كأسيادهم من اليهود والنصارى لن يرضوا عن أحد حتى يتبع ملتهم. وقد مكروا مكر الليل والنهار وحبكوا دساتيرهم وقوانينهم وسدوا منافذها وثغورها أمام من يحلم بأن يطبق الشريعة من خلالها.
• وقد كان من أكبر الأخطاء التي وقع فيها بعض الإسلاميين في أيامنا هذه: الغفلةُ عن هذه الحقائق، وتوهم أن الجاهلية تهادنهم إذا هادنوها، والاغترار بوعود أعداء الشريعة الذين أوهموا الإسلاميين بإمكان الوصول إلى الشريعة وتطبيقها بطرقهم الرسمية.
وأود هنا أن أذكر معنى كلام سيد قطب -رحمه الله- في ظلال قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: 13، 14] .
هنا تتجلى حقيقة المعركة وطبيعتها بين الإسلام والجاهلية. إن النظام الجاهلي بطبيعة تركيبه العضوي لا يسمح لعنصر مسلم أن يعمل من داخله، إلا أن يكون عمل المسلم وجهده وطاقته لحساب