السلام عليكم ورحمة الله، إخوتي الكرام ذكرنا في الحلقة الثامنة قصة الرجال الثلاثة الذين عادوا إلى بيوتهم فرأوها تحترق، وقلنا أن كثيرًا من العاملين للإسلام يفعلون كما فعل الرجل الثالث. ما الذي فعله الثالث؟
الثالث كان أولاده في الأيام الماضية يضيعون أوقاتهم في اللعب، وجيرانه يكرهونه لأنه لم يكن يسمح لهم بإقامة حفلات رقص وغناء وشرب في بيته. والآن العصابة التي تصب الوقود على النار تطالبه بأن يعيرهم زوجته ليلة واحدة مقابل الكف عن صب الوقود على النار. فصاحبنا هذا قبل أن يدخل البيت نادى أولاده وقال: يا أولادي، اسمحوا لي أن أساعدكم وأعدكم بالسماح لكم باللهو واللعب كما تشاءون. يا جيراني، تعالوا ساعدوني في إطفاء الحريق وسأعطيكم نسخة من مفتاح البيت تفعلون فيه ما تشاءون. أيتها العصابة الموقدة للنار، توقفي وسأدرس موضوع إعارة زوجتي لكم ليلة واحدة!
ما الذي يفعله هذا الثالث؟ يقدم تنازلات ذريعة مقابل مكتسبات موهومة. يبيع عائلته نسيئة، فيسلم البضاعة إلى مشترٍ كذاب دون أن يقبض الثمن. يقبل المساومة فيما لا يُساوم عليه، ويبيع الهدف سلفا من أجل الوصول إليه!
فالعصابة لن تكف عن إضرام النار {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217] ، والجيران لن يصالحوه ولا يساعدوه حتى يرتع في حمأتهم وإلا فقولهم: {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف: 82] ، وأولاده لن يروه مخلصا إن أرضاهم بسخط الله، فمن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. فمكتسبات صاحبنا هذا كلها