السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إخوتي الكرام لا زلنا في سلسلة:"نصرة للشريعة"، ولا زلنا نناقش الطرح القائل بأنه لا بد من علاج مشاكل المجتمع أولاً ثم تطبيق الشريعة، في الواقع هذا الطرح فيه غض من قيمة دين الله، فيه انتقاص من قيمة الدين، فإن كانت القوانين الوضعية والحلول البشرية المناقضة للشريعة -إن كانت تصلح حياة الناس، وتقضي على مشاكلهم فما فائدة الشريعة إذًا؟!
هل يقصد بهذا الطرح أن علينا أن نصلح دنيانا بالقوانين الوضعية ثم نصلح آخرتنا بتطبيق الشريعة؟ وهل جاءت الشريعة إلا لصلاح الدنيا والآخرة؟ أليس مُنزل الشريعة سبحانه وتعالى هو الأعلم بما يحتاجه عباده في دنياهم؟ {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] . ألم ينزل الله الشريعة رفقا بالناس ومراعاة لضعفهم ولعلمه تعالى بأنهم لا يستطيعون أن يسوسوا حياتهم دون هديه؟ قال تعالى بعدما فصل أحكامًا من الشريعة في سورة النساء: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28،27،26] .
-يبين الله تعالى في هذه الآيات أنه تعالى ينقذ عباده بالشريعة من قوانين وأهواء الذين يتبعون الشهوات فيقودون الناس إلى جحيم الدنيا قبل جحيم الآخرة. ويميلونهم عن صراط الهدى والبركة واليسر والخير ميلا عظيما. ثم قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} أي أنه تعالى أنزل الشريعة لعلمه بأن الإنسان ضعيف. فأراد تعالى أن ينقذه من عنت ومشقة القوانين الوضعية والأحكام والأهواء البشرية.