الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين. أحبتي الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، لا زلنا نسير مع قصة الرجال الثلاثة. انتهينا في الحلقة الماضية من الوقفة مع الرجل الأول. اليوم نحن مع الرجل الثاني.
دعوني أذكركم بالذي فعله الثاني عندما رأى بيته يحترق:
قلنا أنه انشغل بإطفاء النار المتوجهة إلى خزانة ماله، وترك زوجته المختنقة وأولاده المحاصرين، ثم صلى ركعتي نافلة وأطال فيهما السجود ودعا الله -عزَّ وجلَّ- أن يطفئ النار بخارقة من عنده!
ما المقصود بالرجل الثاني في واقعنا؟ المقصود ببساطة أنه لا يكفي إعلان تطبيق الشريعة. نعم نحن نطالب أصحاب المشروع الإسلامي بإعلان سيادة الشريعة من اللحظة الأولى، لكن مما لا شك فيه أن هذا الإعلان وحده لا يكفي.
تحت هذه الصورة الرمزية تندرج عدة أمثلة:
المثال الأول:"إعلان تطبيق الشريعة مع إهمال الأخذ بالأسباب الدنيوية لرعاية مصالح الناس". لا ينبغي للدولة الإسلامية أن تظن أنها بالتزام الشريعة ستنجح وسيكون الله معها وهي مهملة بالأخذ بأسباب النجاح الدنيوية من حسن سياسة لأمور الناس وهمة ونشاط وسعي دؤوب في بناء الدولة اقتصاديا وعسكريا وتبني أصحاب التخصصات في المجالات المختلفة ومن يقيمون الفروض الكفائية، والتخطيط الدقيق وتوظيف علوم الإدارة والاتصال والإعلام والعمل المضني لتوفير احتياجات الناس من مسكن ومأكل ورعاية صحية وتوفير فرص عمل. هذا كله من تطبيق الشريعة. وإن قصرت الدولة في استكماله حسب وسعها وطاقتها فليس لها أن تتوقع نصر الله لها.