فهرس الكتاب
الصفحة 70 من 161

النظام الجاهلي، ولتوطيد جاهليته! والذين يُخيل إليهم أنهم قادرون على العمل لدينهم من خلال التسرب في التجمعات الجاهلية، والتميع في تشكيلاتها وأجهزتها هم ناس لا يدركون الطبيعة العضوية لهذه التجمعات، هذه الطبيعة التي ترغم كل فرد داخل هذه التجمعات أن يعمل لحسابها ولحساب منهجها وتصورها، لذلك يرفض المؤمنون أن ينخرطوا في الأنظمة الجاهلية، وهنا يفصل الله بين المؤمنين والطغاة الذين يقفون في وجه الدعوة:

{فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: 13، 14] .

ولابد أن ندرك أن نصر الله للمؤمنين على الطغاة إنما يكون بعد تمايز المؤمنين ومفاصلتهم للطغاة على أساس العقيدة، ولا يكون هذا النصر أبدًا والمؤمنون متميعون في النظام الجاهلي، عاملون من خلال أوضاعه وتشكيلاته، غير منفصلين ولا متميزين عنه.

إذًا كما قال الإمام مالك:"لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها". وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من قبل:"فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله". ولم يعز الله أول هذه الأمة بالتنازلات بل بالثبات والتضحيات.

لقد صدَّر الغرب الديمقراطية إلى العالم الإسلامي لا لتكون بديلا عن الديكتاتورية، بل لتكون بديلا عن الإسلام. لذا فهي ديمقراطية مشروطة بألا توصل الإسلاميين إلى الحكم، بل هذا هدفها ألا يصل الإسلاميون إلى الحكم، وقد صرح الساسة الأمريكان وأذنابهم بذلك مرارًا أن الديمقراطية ليست لأعداء الديمقراطية.

الديمقراطية لا توصل إسلاميًا إلى الحكم، وإن أوصلته فبعد أن تنزع منه إسلاميته، كما تعرَّى صاحبنا الذي أراد إنقاذ الأيتام. وإن بقي في هذا الإسلامي بقايا هوية إسلامية فسينقلب عليه أرباب

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام