رابعًا: تحديد ما إذا كانت القوانين الجديدة موافقة أو غير موافقة للمادة الثانية لا يخضع لأية أسس شرعية. فالجهة المخولة بتحديد ما إذا كانت القرارات الجديدة مخالفة للمادة الثانية أم لا هي المحكمة الدستورية التي ليس لأعضائها أهلية شرعية بل يحكمون بإعمال الدستور ولا يخضعون في تقييمهم لأية معايير شرعية. وبالتالي فتفسيرهم للمادة الثانية، والذي فرح به الإسلاميون البرلمانيون، هذا التفسير قابل للطعن، والمحكمة قد تغير رأيها، وأعضاؤها قد يتغيرون، وليس هناك ما يُلزم ببقاء قرارها ما دام أن المحكمة ذاتها لا تتخذ الشريعة مرجعية بل تخضع الشريعة لقواعد الدستور الوضعي.
خامسًا: المادة الثانية ليس لها أي تأثير أو سلطة أو سيادة على البرلمان في عملية إصداره لقراراته، ولا تجبره على قبول أي حكم شرعي.
فإذا كان القانون المراد تشريعه أمرًا من الفرائض أو الواجبات الشرعية مثل فرض الزكاة مثلاً، فمن حق البرلمان دستوريًا حينئذ أن يرفض حكم الله طبقا لرأي الأغلبية، فإن رفضت الأغلبية حكم الله فلا أحد يجبرهم عليها، ولا حتى المحكمة الدستورية.
سادسًا: على فرض أن البرلمان وافق على حكم من أحكام الله، فإنه لا يصدر إلا بعد أن يُنزع عنه صفة أنه حكم الله ويُكسى بصفة (حكم الشعب) ليعطيه صفة برلمانية دستورية.
وهذا هو حرفيًا معنى المادة الثالثة التي تقول:"السيادة للشعب وحده"، والمادة الرابعة والعشرين التي تقول:"تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب"، أي لأن الشعب أرادها إذ هو في الدستور يحكم لا معقب لحكمه!
قال المستشار حامد الجمل:"وهناك مسألة مهمة ترتكز على أن الشريعة الإسلامية لا تطبق بقوة نصوص الدستور، ولكن تطبق بإرادة المشرع المصري" [1] . أي أنها لا تطبق لأنها شريعة الله، ولا لأن
(1) [جريدة"الأهرام اليوم"الجمعة 1 ابريل 2011] ـ