فهرس الكتاب
الصفحة 80 من 161

وهذا بداية الزلل! تفاديًا لإغضاب حفنة من النصارى المتغطرسين، وعملاً بإعلان دستوري قائم على الديمقراطية وافقوا على ألا يكون الحزب دينيًا. وبالتالي تبعه الانصياع للقانون الوضعي الذي يحرم استخدام شعارات دينية في الحملات الانتخابية.

إذًا ما توهمه البعض من أن دور البرلمانيين الإسلاميين مقتصر على إيصال رغبة الشعب في تحكيم الشيعة هذا لا علاقة له بالواقع. لو كان هذا دورهم فإن الحزب لن يكون إلا دينيًا شعاره المعلن: تطبيق الشريعة، إذ أنه ما أُنشئ بزعمهم إلا من أجل ذلك!

لكن الإسلاميين خلعوا الشريعة على أعتاب البرلمان، فإنه في الحالة الوهمية الافتراضية التي تصورها البعض كانت الشريعة سبب وجود البرلمانيين كممثلين للشعب، وكانت الشريعة هويتهم وقضيتهم، وسبب شرعيتهم، يستمدون شرعيتهم من الشريعة التي يحملونها ويريدون تطبيقها. مرة أخرى: كان المفترض أنهم يستمدون شرعيتهم من الشريعة. لكن البرلمانيين بخضوعهم لهذه المواد فإنهم استمدوا شرعيتهم البرلمانية من الشعب الذي انتخبهم وليس من الشريعة. وهذا تسليم منهم بمبدأ الديمقراطية.

يعني تصور النائب الإسلامي واقفًا على باب البرلمان يريد الدخول، فيُقال له: بأية صفة تريد أن تدخل؟ فيقول: باسم الشريعة التي نريد أنا ومن انتخبوني تطبيقها، فيُقال له: لا! هذا لا يعطيك شرعية لدخول البرلمان، عليك أن تقر بأنك إنما تدخل البرلمان باسم الشعب الذي انتخبك، وتستمد شرعيتك من انتخاب الشعب لك كمشرع، لا من الشريعة. لن يُقبل تصويتك على تشريع ولن يسمح لك باقتراح قانون إلا بصفتك ممثلا عن الشعب المشرع.

فيخلع النائب الإسلامي الشريعة على الباب، ويدخل البرلمان بهذا الشرط وبهذه الصفات. ويصول من ثَم ويجول باسم الشعب الذي يستمد وجوده في البرلمان منه. تماما كما ترك صاحبنا الملابس على باب دار الأيتام في حلقة"نجحت العملية ومات المريض".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام