فهرس الكتاب
الصفحة 67 من 161

بل العجيب أنه بعد ظهور فشل التنازلات في تحقيق حتى هذه الأهداف الجزئية الثانوية استنتج كثير من الإسلاميين البرلمانيين أن ما عليهم فعله هو زيادة التنازلات!! كمن يشرب من ماء البحر ولا يرتوي. بان لهم أن عدوهم لن يسمح لهم بالتغلغل في أجهزة الحكم وهم يحملون أية صبغة إسلامية فكان استنتاجهم: إذًا فلنتخفف من حمل الهوية الإسلامية حتى نشارك في الحكم! فباعوا الهدف من أجل الوسيلة، وفعلوا كما فعل صاحبنا الذي أراد أن يكسو الأيتام كما ذكرنا في الحلقة الماضية.

وصدق الله العظيم إذ قال: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة: 168] .

إذًا كما رأينا ازدواجية وارتباكًا في تحديد الهدف، فهنا أيضا ازدواجية وارتباك في الموازنة بين التنازلات والمكتسبات:

عندما يُعترض على التنازلات الخطيرة التي يقدمها الإسلاميون البرلمانيون يبررونها بأنها تُبذل من أجل أهداف عظيمة، ثم عند مواجهتهم بعدم جدوى المسلك البرلماني يتمسكون باحتمالية تحقق الأهداف الجزئية الثانوية!

أخيرًا: السؤال السادس: هل تعتبرون أنفسكم كإسلاميين في العمل السياسي حاليًا ممكنين أم مستضعفين؟

وهنا أيضًا نرى ازدواجية! فعندما يتحدثون عن المكتسبات المرجوة من الخوض في العمل البرلماني؛ يتكلم الإسلاميون البرلمانيون بنبرة الممكَّن، فهم يتكلمون عن انقلابة في الدستور وأسلمة مؤسسات الحكم وتغيير القيادات الفاسدة في الجيش، وهذه جميعا لا يقوم بها إلا مُمكَّن. وعند لومهم على التنازلات وعلى التصريحات الغريبة فإنهم يتعذرون بالاستضعاف! فلنحدد قدراتنا وإمكانياتنا كإسلاميين، هل نحن ممكنون أم مستضعفون؟ الممكن له دوره وواجباته ووسائله، والمستضعف له دوره وواجباته ووسائله، ولا ينبغي الخلط بين الوضعين -وضع التمكين ووضع الاستضعاف-. لا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام