الكنسي في بلادهم، فإنه يصبح من الهراء والهزل والضحك على النفس أولاً ثم على الناس أن يُتكلم عن إقامة الخلافة الإسلامية وإعادة الهيبة إلى الأمة وإخراج الأمة بأكملها من سجن التبعية للغرب بالطرق الرسمية ذاتها! هذا يصبح عبثًا حقيقة.
إذًا فالواقعية تقتضي منهم أن يعترفوا بأن المكتسبات تتساقط والطموحات تضيق. فنتوقع من الإسلاميين البرلمانيين أن يقولوا الآن هدفنا هو إتاحة بعض الحريات للدعوة، وعدم ترك مؤسسة الحكم للعلمانيين والفلول، ومنع الفساد الإداري والمالي، وإجراء بعض الإصلاحات الاجتماعية. وهذه مكتسبات جزئية ثانوية مظنونة غير قطعية، تنقلنا إلى:
السؤال الخامس: هل عدَّلتم في التنازلات بما يتناسب مع حجم المكتسبات الجديدة الثانوية نسبيًا؟
نحن نذكر الإسلاميين البرلمانيين: أنتم عندما قدمتم التنازلات الكبرى بداية، قدمتموها من أجل أهداف كبرى، بعبارة أخرى: رضيتم بمفاسد كبرى من أجل مصالح كبرى. الآن تدنت المصالح جدًا، فهل قللتم التنازلات جدًا في المقابل؟
للأسف، ما نراه هو العكس تمامًا: زيادة التنازلات جريًا وراء هذا السراب المسمى بالمكتسبات والمصالح. وكلما انتبه الإسلاميون إلى اختلال التوازن الذي افترضوه بين المكتسبات والتنازلات خدَّر شعورهم أمران:
الأول: هو الاستهانة التي تكرست في نفوسهم بالتنازلات التي قدموها، فبعد أن كانت تنازلات صغيرة نسبيًا أصبحت صغيرة بشكل مطلق.
والثاني: هبَّات الادعاءات غير الواقعية بأنه لا زال من الممكن تحقيق الهدف العظيم وهو (إقامة الشريعة) بهذا الطريق الذي سلكوه. وهذه الهبات ناتجة عن التخبط والارتباك المذكور آنفا في تحديد الهدف.