فالعاملون للإسلام ليسوا معصومين. إن وصلوا إلى الحكم فما الذي يضمن ألا تصيبهم لوثة السلطة والأُبهة التي أصابت من شغل المناصب قبلهم؟ معقول؟ نعم معقول، لا عصمة لأحد. إن كنا نرى تنازلات قُدمت من البعض هذا وهم بعد لم يصلوا إلى الحكم، فما الحال عندما تُذاق حلاوة الألقاب والمشي على السجاد الأحمر؟!
ونحن مأمورون أن نأخذ بظواهر الناس في الخير والشر، لا يغنينا أن يقول قائل نيتي طيبة، أما النوايا فأمرها إلى الله -عزَّ وجلَّ-.
لذلك فنحن لا نقبل أبدا هذه العبارات المائعة الرمادية التي تُستخدم هذه الأيام بديلا عن عبارة"تحكيم الشريعة ومن اللحظة الأولى". العبارات المائعة الرمادية هذه مثل عبارة:"أجندة واضحة للتدرج في تطبيق الشريعة"، أو:"سنطبق ما يتوافق مع روح الشريعة"، أو:"فلان لديه توجه نحو تطبيق الشريعة"، أو:"سنسن القوانين بما يحقق مقاصد الشريعة"، أو:"الحزب الفلاني سيسعى بخطوات حثيثة إلى تطبيق الشريعة"، أو:"عليه أن يكون لديه نية جازمة لتطبيق الشريعة"أو:"جدية في الوصول بالمجتمع إلى تطبيق الشريعة"، أو:"ستكون الدولة ذات مرجعية شرعية".
هذه العبارات كلها هلامية مائعة تهربية. حتى وإن استخدمت فيها كلمات الجدية والحزم والعزم والصدق؛ تبقى مائعة هلامية غير مقبولة.
إخواني، تطبيق الشريعة عقد. هل تقبل أن تكتب مع مالك شقة عقد إيجار صيغته: اتفق الطرفان على أن يدفع المستأجر خمسمائة دينار شهريًا مقابل أن يكون لدى المؤجِّر توجه واضح نحو تأجيره الشقة؟! هل تقبل في عقد زواجك أن يُكتب: اتفق الطرفان على أن يدفع الرجل المهر مقابل أن يكون لدى ولي المرأة نية جازمة لتزويجه إياها؟! هل تقبل بذلك؟ هل تغني عندك النوايا حينئذ؟