فيا من تدافعون عن التدرج، اعرفوا عن ماذا تدافعون!
ثالثًا: الحق واحد والباطل متشعب. إن لم يلتزم الدعاة بإعلان سيادة الشريعة، فإنهم سيتخبطون في البديل عن ذلك، لأنهم فقدوا البوصلة بالتنازل عن الحق {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [يونس: 32] .
فترى هذا"الداعية"يقول: قد لا نغير شيئا من القوانين أول سنتين او ثلاثة، آخر يقدرها بأشهر، والثالث بمدة أكثر أو أقل، آخر يقول: سنبدأ بأحكام الشريعة التي يتقبلها الشعب ونؤخر ما لا يتقبلها، وآخر يقول: نبدأ بالأحكام المتعلقة بالأخلاق والسلوك ونؤخر الحدود، وآخر أيضًا يقول: نقوي الاقتصاد ثم نطبق الشريعة. أصبحت المسألة خاضعة لتقديرات البشر. أهم مسألة -مسألة العبودية لله تعالى بتطبيق شرعة والخلافة في الأرض أصبحت خاضعة للأهواء والتخمينات والتخريصات والظنون، {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: 36] .
هل يُظن بالله تعالى أن يترك هذه المسألة المصيرية -مسألة العبودية لله بتطبيق شرعه-، أن يتركها لظنون البشر هكذا؟!
فالحق واحد، وهو في إعلان السيادة المطلقة التامة للشريعة من اللحظة الأولى. ومن تخلى عن ذلك دخل في تشعبات ومتاهات وتخبطات الباطل.
رابعًا: إعلان السيادة للشريعة من اللحظة الأولى هو عقد بين الحاكم والمحكوم ملزم للطرفين يمنع أيا منهما من التلاعب. وبه تسقط الحصانات الزائفة حتى عن الحكام. لأنهم إن زاغوا عن تبعات هذا الإعلان فإن على الشعب أن يحاسبهم ويقيس أفعالهم إلى هذه المسطرة الواضحة -مسطرة الشريعة-.