ثانيًا: لاحظنا أن البديل عن إعلان سيادة الشريعة هو أن تحكم الدولة الإسلامية بالقانون الوضعي الجاهلي!
عندما نقول: (إسلاميون في الحكم) ؛ فهم دولة، ليس لهم أن يقفوا موقف المحايد من التصرفات والأشخاص والقضايا. إما أن يحكموا بالإسلام وإما أن يحكموا بالقوانين الوضعية الجاهلية {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50] . ولبيان ذلك أكثر أرجو مراجعة الحلقة الثالثة بعنوان (المعنى الخطير للتدرج) .
فيا من تطالبون بعدم إعلان سيادة الشريعة من اللحظة الأولى، اعرفوا ما يؤدي إليه ذلك: أن تصبح الدولة"الإسلامية"حارسة للقوانين الوضعية! منفذة لها، معاقبة لمن يخالفها، مثيبة للعاصي، معاقبة للمطيع.
ماذا بقي لها من اسم الإسلامية حينئذ؟! هل تقبلون للدولة الإسلامية أن تفعل ذلك ولو ليوم واحد يا أصحاب التدرج؟!
آلمني ما سمعته من أحد الدعاة وهو يقول لمستمعيه في المسجد: (متظنوش أن الإسلاميين إذا وصلوا الحكم حيغيروا كل حاجة مرة وحده. يمكن مفيش حاجة من القوانين حتتغير أول سنتين ثلاثة، لكن الناس هتبقى نضيفة) ! وهذا كما ترون إخواني كلام خطير للغاية، يدل على عدم وعي لمعنى أن تكون في الحكم أو على تجويز أن يسوس مسلمون المجتمع بقوانين جاهلية وضعية. إن لم يتغير شيء من القوانين فستبقى الأماكن التي تُمارس فيها المحرمات قانونية كما كانت في القانون الوضعي، وتستحق من الدولة الحماية والرعاية ضد من يريدون إنكار منكرها. فهل يُتصور أن تعين الدولة الإسلامية في النهاية حراسًا ملتحين على أبواب الخمارات والنوادي الليلية؟! {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [الصافات: 154] .