فهرس الكتاب
الصفحة 101 من 161

فنقول هل تصح هذه الحادثة للاستدلال على واقعكم أيها البرلمانيون؟ هل واقعكم كواقع محمد بن مسلمة إذ ورَّى -بإذن النبي- تورية في لحظة فاصلة القصد منها خلع الكفر من جذوره ودحره، دون أن يتبعه أي عمل مخل بالإيمان، ودون تلبيس على المسلمين في قضية الاحتكام إلى الشريعة، ودون أن يكون عمله هذا خداعا للمسلمين قبل الكافرين، ودون أن يتحول الدين عنده إلى تقية سياسية تضعف فيه ثقة الجماهير الإسلامية.

هل كل ما يُطلب منكم هو هذا القسم الذي به تدخلون قمرة القيادة لقطار البلد لتعلنوا منها أن الحكم لله وأن كل دستور خالفه فهو باطل وتحرفوا على الفور مسار القطار لتضعوه على سكة الشريعة؟ هل المسألة بهذه البساطة؟

أم أن واقع الأمر أن البرلمانيين يقسمون ليدخلوا مجلسًا تشريعيًا تظله قوانين الدستور التي تجعل التشريع للشعب وتجعل الأحكام صادرة باسم الشعب. وإنما يصول البرلمانيون بعد ذلك ويجولون وفق مواد هذا الدستور، فانخراطهم في مجلس كهذا هو احترام عملي للدستور يصدق عمليًا ما أقسموا عليه بألسنتهم، ولسان الحال أبلغ من لسان المقال. فلا هي لحظة فاصلة بين الإيمان والضلال، ولا هو قسم يتبعه استئصال الجاهلية من جذورها، بل يتبعه فعل محرم في ذاته، ويُلبس به على الناس وكأنه خداع لهم قبل أن يكون خداعًا لأعداء الشريعة!

فالبرلمانيون يقسمون قسمهم ليدخلوا قمرة القيادة لقطار يسير على سكة مرسومة. لا يهم من في قمرة قيادة هذا القطار طالما أنه يسير على السكة الديمقراطية المرسومة له مسبقًا. فالمطلوب في هذه الحالة تغيير السكة لا تغيير الطاقم في قمرة القيادة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام