فهرس الكتاب
الصفحة 9 من 29

قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتوهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار) .

قال الله تعالى (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم)

وفيه حديث أسامة وفيه فأدركت رجلا فقال لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قال قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح قال أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ رواه مسلم. قال ابن تيمية تعليقا على هذا الحديث ولما قال لأسامة بن زيد أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قال إنما قالها تعوذا قال هلا شققت عن قلبه وقال إني لم أوامر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم. الفتاوى 7/ 213.

ويُروى عن عمر أنه قال: من خدعنا في الله انخدعنا له.

وفيه قصة العباس في غزوة بدر، وقصة مجاعة الحنفي مع خالد بن الوليد.

ونقل الحافظ ابن حجر رحمه الله الإجماع فقال: وكلهم أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر والله يتولى السرائر اهـ الفتح 12/ 272، 273.

وقال الشافعي: إنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه: ألام 1/ 259. وقال: وأحكام الله ورسوله تدل على أنه ليس لأحد أن يحكم على أحد إلا بظاهر. والظاهر ما أقر به أو قامت به بينة وثبتت عليه اهـ. ألام

قال ابن تيمية: والله تعالى لما أمر في الكفارة بعتق رقبة مؤمنة لم يكن على الناس أن لا يعتقوا إلا من يعلموا أن الإيمان في قلبه فإن هذا كما لو قيل لهم اقتلوا إلا من علمتم أن الإيمان في قلبه وهم لم يؤمروا أن ينقبوا عن قلوب الناس ولا يشقوا بطونهم،

فإذا رأوا رجلا يظهر الإيمان جاز لهم عتقه، وصاحب الجارية لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم هل هي مؤمنة إنما أراد الإيمان الظاهر الذي يفرق به بين المسلم والكافر.

وكذلك من عليه نذر لم يلزمه أن يعتق إلا من علم أن الإيمان في قلبه فإنه لا يعلم ذلك مطلقا بل ولا أحد من الخلق يعلم ذلك مطلقا وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق والله يقول له (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين) فأولئك إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحكم فيهم كحكمه في سائر المؤمنين،

ولو حضرت جنازة أحدهم صلى عليها ولم يكن منهيا عن الصلاة إلا على من علم نفاقه وإلا لزم أن ينقب عن قلوب الناس ويعلم سرائرهم وهذا لا يقدر عليه بشر ولهذا لما كشفهم الله بسورة براءة بقوله ومنهم ومنهم صار يعرف نفاق ناس منهم لم يكن يعرف نفاقهم قبل ذلك فإن الله وصفهم بصفات علمها الناس منهم وما كان الناس يجزمون بأنها مستلزمة لنفاقهم وإن كان بعضهم يظن ذلك وبعضهم يعلمه فلم يكن نفاقهم معلوما عند الجماعة بخلاف حالهم لما نزل القرآن،

ولهذا لما نزلت سورة براءة كتموا النفاق وما بقى يمكنهم من إظهاره أحيانا ما كان يمكنهم قبل ذلك وأنزل الله تعالى لئن لم ينته اهـ فتاوى ابن تيمية ج 7/ص 214.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام