3 ـ كتاب
التمييز والتفرقة ودفع التداخل [1]
26 ـ باب
أن جهل الحال ملحق بالمسائل الخفية
قال تعالى (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون- إلى أن قال- لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) الآية.
وعن ابن عباس مرفوعا (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان) صححه ابن حبان والحاكم. وعن عمرو بن العاص مرفوعا (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) متفق عليه.
وقال ابن تيمية أيضا (ومعلوم أن من كفر من أخطأ في المسائل الاجتهادية أصولا أو فروعا فهذا ونحوه مبتدع ضال مخالف لما عليه أئمة الهدى ومشايخ الدين) المنهاج ص 98.
وقال ابن تيمية لما تكلم عن بعض المبتدعة عن المشايخ من أهل العلم الذين لهم لسان صدق وإن وقع في كلام بعضهم ما هو خطأ منكر فأصل الإيمان بالله ورسوله إذا كان ثابتا غفر لأحدهم خطأه الذي أخطأه بعد اجتهاده) الصفدية 1/ 265.
وقال فيمن كفر كل مبتدع (إن المتأول الذي قصد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكفر ولا يفسق إذا اجتهد فأخطأ وهذا مشهور عند الناس في المسائل العملية وأما مسائل العقائد فكثير من الناس كفروا المخطئين فيها وهذا القول لا يعرف عن الصحابة والتابعين ولا يعرف عن أحد من أئمة المسلمين وإنما هو في الأصل من أقوال أهل البدع) منهاج السنة 3/ 60.
وقال أيضا (إن مسائل الدق في الأصول لا يكاد يتفق عليها طائفة إذ لو كان كذلك لما تنازع في بعضها السلف من الصحابة والتابعين) الفتاوى 6/ 057،56
وقال عبد اللطيف في المنهاج ص 101 (إن ابن تيمية في المسائل الظاهرة الجلية أو ما يُعلم من الدين بالضرورة فهذا لا يتوقف في كفر قائله أما المسائل التي قد يخفى دليلها كمسائل القدر والإرجاء ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء فهنا لا يكفر إلا بعد قيام الحجة)
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: إن كلام ابن تيمية بأن المعين لا يكفر إلا إذا قامت عليه الحجة المقصود بها ليس في مسائل الشرك الأكبر والردة إنما في المسائل الجزئيات (الخفية) سواء كانت من الأصول أو الفروع مثل مسائل الصفات أو مسائل القرآن أو مسألة الاستواء إلى غير ذلك. وقال إن السلف يقولون في مثل هذه المسائل نكفر النوع فيها، أما المعين فإن عرف الحق وخالف كفر بعينه وإلا فلا، ثم
(1) يشمل:
1 ـ جهل الحال في الأشخاص أو المعاني أو الأحكام يمكن فيه الجهل.