فهرس الكتاب
الصفحة 12 من 192

ثانياً: المتكلمون

أما المتكلمون، فلا يفترق عملهم عن الفلاسفة في كثير مما وصفناه، إلا في عبارة واحدة يتجلى بهل حقيقة الحال، وهي ما ذكره العلامة السمرقندي فيما نقلناه عنه.

قال:"ويمتاز عن العلم الإلهي المشارك له في هذه الأبحاث بكونه على طريقة هذه الشريعة". اهـ.

وقال:"إنه علم يبحث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته، وأحوال الممكنات في المبدأ والمعاد على قانون الإسلام". اهـ.

وقال الشريف الجرجاني في شرح المواقف مع عبارة العضد:" (ويمتاز) الكلام (عن الإلهي) المشارك له في أن موضوعه - أيضاُ- هو الموجود مطلقاً (باعتبارٍ، وهو أن البحث ههنا) أي في الكلام (على قانون الإسلام) بخلاف البحث في الإلهي فإنه على قانون عقولهم وافق الإسلام أو خالفه". اهـ.

إذن هذا هو الفرق الأساس بين علم الكلام والفلسفة. ويمكننا شرح مرادهم بكونه على قانون الإسلام، أو على طريقة هذه الشريعة، أي أنه يستمد بعض مبادئه من النقل، ولا يكتفي بمجرد العقل، ويبني نظامه بعد ذلك على مقدمات وقضايا مستمدة من العقل والنقل.

ولا يعني كون القضية مأخوذة من النقل أنها غير مبرهنة عليها، فإن النقل أصلاً مبرهن عليه في أصل ثبوته، وفي كثير من جزئياته.

وغاية الأمر أن الإنسان يستعمل القضايا التي يأخذها من النقل في بناء نظام متكامل، ولا يتوقف في بنائه إلى أن يتمكن من معرفة البرهان على كل القضايا بالعقل فقط. ومثل من يفعل ذلك كالتلميذ الذي يدرس عند أستاذه، فإن فرضنا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام