وتعلم الصناعات الضرورية النافعة، ومنافع الأدوية، وخصائص الكواكب وأحوالها؛ فإنها لا تحصل إلا بتجربة متطاولة ربَّما لا يفي العمر بها، إلى غير ذلك.
قالت اليهود: لو كانت شريعة موسى ممّا يُنسخُ للزم أن يبين فيه أن سينسخ، وإلا فإن بُيِّنَ فيه التأبيد امتنع نسخه، وإلا فلا يثبت إلا مرة، وهو باطل؛ وحينئذ يلزم نقله متواتراً كأصل الدين.
قلنا: بُيِّن إجمالاً، وإنما لم يتواتر لعدم توفر الدواعي إلى نقله.
الثانية: رأي الحكماء أنَّ نَفْسِ النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوتها وطهارتها عن الشواغل البدنية يظهر له في اليقظة ما يقع للنائم بأن يتصل بالملائكة العظام، فيحكي منها المغيَّبات إلى الحس المشترك، وهو الوحي، وربما يسمع كلاماً منظوماً من مُشاهَدٍ يخاطبه فيما يهمه وغير ذلك، وهو الكتاب، ويُسَلِّطُهُ الله تعالى على مادة الكائنات، فيتصرف بها كما يتصرف في بدنه؛ كما انخمدت النار للخليل عليه الصلاة والسلام، ووقف الماء عن جريانه للكليم [عليه الصلاة والسلام] ،