فهرس الكتاب
الصفحة 10 من 192

قد يشتبه على العديد من الناس الفرق بين المتكلمين والفلاسفة؛ وذلك للاشتراك في المسائل التي يبحثها كل منهما، فيظن الغافل أن الفيلسوف والمتكلم لا فرق بينهما إلا بالإسم، ومن ظنَّ ذلك فيد ارتكب شططاً فيوجد فرق بينهما في المنهج وفي المسائل وفي الغايات، وإن وجد بينهما اشتراك في بعض الجهات، فلا يخفى على عاقل أنه قد يشترك علمان في بعض المسائل، ولا يستلزم ذلك الاستواء التام بينهما، بل إن الفرق يظهر في طريقة البحث في هذه المسائل، وفي كيفية التفريع، وفي الغاية منها. وتأمل في الاشتراك الحاصل بين الأديان من جهة أن كلها تبحث في العلم بالله تعالى، وكل واحد منها يدعي أصحابه أنهم عابدون لله عزوجل، ولكن شتان مابين الإسلام والنصرانية أواليهودية.

أولاُ: الفلاسفة

لا يخفى على أحد أن كل علم من العلوم لا بد له من مبادئ يقيم عليها قوانينه، وهذه المبادئ قد تكون مسلمات ومصادرات، وقد تكون بديهيات، وقد تكون مبرهنات.

وكل فيلسوف لا يمكنه أن يبني فلسفته إلا على نحو هذه المبادئ. ولا يستطيع فيلسوف أن يدعي أن كل ما أقام عليه فسفته إنما هو بديهيات، أو مبرهنات قطعية لا يحتمل النزاع فيها، بل لابد أن تكون الفلسفة مشتملة على شيء من المسلمات أو المصادرات، أو بعض المقدمات التي يظن ذاك الفيلسوف أنها مبرهنة قطعية، والواقع في نفس الأمر أنها ليست كذلك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام