قالا: لو تخيلنا مربعاً مجنحاً بمربعين، فيتميزان في الذهن، وليس امتيازهما بالماهية ولوزمها، فإذاً بحسب المحل فينقسم، والنفس غير منقسمة.
ورُدّ بمنع الانطباع، واحتمال أن تًدرِكَ النّفسُ بآلة جسمانية، [كما أنَّ الصور منطبقة في الخيال وتطالعها النفس، لم لا يجوز أن يكون كذلك] .
الرابعة:
قالوا: النفس لا تقبل العدم؛ لأنها غير مادية، وإلا لكانت جسماً.
وتقريره وجوابه قد سلف.
ثم قالوا: بعد البدن لها سعادة أو شقاوة؛ لأنها إن كانت عالمة بالله -تعالى- نقية عن الهيئات البدنية تَلْتَدُّ بتلك العلوم؛ لأن اللذة إدراك الملائم، وإن كانت جاهلة تألمت بإدراك جهلها واشتياقها إلى إدراك تلك المعارف، مخلدة. ويقولون: {يا ليتنا نُرَدُّ ولا نُكَذِّبَ بآيات رَبِّنا ونكون من المؤمنين} [الأنعام:27] ، وإن بقيت فيها هيئات بدنية تعذب بمحبتها إلى أن تزول.
واعلم أن ما قالوا، وإن لم يقم عليه برهان، لكنه مُؤَيَّدٌ بكثير من الآيات وأقاويل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
الخامسة:
قالوا: للنفس تَعُّقٌ شديد بالبدن شبيهٌ بالعشق، يفيض منها على الأعضاء قوى مدركة ظاهرة، وهي الحواس الخمس.