سلسلة منهاج المسلم - (88)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة..

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم؛ الحاوي للشريعة الإسلامية، عقيدة، وآداباً، وعبادات، وأحكاماً شرعية، وها نحن مع مبطلات الصلاة.

ما معنى مبطلات الصلاة؟

معناه: أن الصلاة إذا بطلت لا تزكي النفس ولا تطهر الروح، فهي فارغة باطلة، والصلاة إنما شرعت إقامتها لتزكية النفوس وتطهيرها، فالأبدان تزكى وتطهر بالماء والصابون، أما الأرواح والأنفس فتطهر وتزكى بالصلاة.

فهذه العبادة التي يلازمها العبد طوال الحياة وفي كل يوم وليلة مهمتها تطهير النفس وتزكيتها، فإذا داخلها نقص أو زيادة بطل مفعولها في تزكية النفس.

ومبطلات الصلاة:

أولاً: ترك ركن من أركانها -بلا خلاف- فمن ترك ركناً من أركان الصلاة فهي باطلة.

ثانياً: الأكل أو الشرب، فالذي يأكل أو يشرب وهو يصلي فصلاته باطلة، لا تزكي نفسه وعليه أن يعيدها.

ثالثاً: الكلام لغير إصلاحها، فالحديث والكلام لغير إصلاحها يبطلها، إما لإصلاحها كقولك للإمام إن أراد يقوم: سبحان الله، فلا حرج، أو قولك له: زدت ركعة. لاحرج؛ لأنه لإصلاح الصلاة.

رابعاً: الضحك، وهو القهقهة: فهذا يبطل الصلاة نهائياً، أما الابتسامة فلا حرج.

خامساً: العمل الكثير: الشغل الكثير لمنافاته للعبادة وانشغال القلب والأعضاء بغير الصلاة.

سادساً: زيادة مثل الصلاة، كأن يصلي الظهر أو العصر ثمان ركعات، أو أن يصلي المغرب ست ركعات، أو الصبح أربع ركعات.. فلو زاد ركعة ساهياً لا بأس، أو اثنتين كذلك، أما أن يزيد أربعاً! فما كان هذا في الصلاة، فلهذا إذا سها فزاد مثل الصلاة فصلاته باطلة.

سابعاً: ذكر صلاة قبلها، كأن يصلي العصر ثم يذكر أن لم يصلِّ الظهر بعد، فتبطل صلاة العصر ويصلي الظهر أولاً، أو كان يصلي العشاء ثم تذكر أنه لم يصلِّ المغرب بعد، فتبطل العشاء ليصلي المغرب أولاً، وكذلك الصبح قبل العشاء، هذه هي مبطلات الصلاة السبع.

والآن مع ما يباح فيها؛ فهناك أمور يجوز لك فعلها في الصلاة لا تبطلها، ولا تنقص من أجرها.

قال: [يباح للمصلي فعل أمور، منها:]

أولاً: العمل اليسير كإصلاح ردائه أو عمامته

[ أولاً: العمل اليسير كإصلاح ردائه؛ لثبوت مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح] لا حرج في إصلاح العمامة أو الثوب أو الرداء؛ لأنه عمل يسير ليس بكثير.

ثانياً: التنحنح عند الاضطرار

[ثانياً: التنحنح عند الاضطرار] لا بأس بقول: أح! عند الاضطرار؛ لأنه ليس كلاماً فيه حروف.

ثالثاً: إصلاح من في الصف

[ثالثاً: إصلاح من في الصف تجذبه إلى الأمام أو إلى الوراء، أو إدارة المؤتم من اليسار إلى اليمين] يجوز لك أن تجذب شخصاً للصف بدفعه للصف الثاني، هو عمل نعم، لكنه لصالح الصلاة، أو أن تأخذ شخصاً من يسارك فتجعله عن يمينك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم [كما أدار رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عباس عن يساره إلى يمينه، لما وقف بالليل يصلي إلى جنبه] كان الرسول يصلي تهجداً وابن عباس قد نام عند خالته ميمونة، فقام يرقب صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فتوضأ ثم جاء إلى يساره وصلى، فجذبه الرسول صلى الله عليه وسلم ورده إلى اليمين، وهذا عمل يسير لأجل صلاة.

رابعاً: التثاؤب، ووضع اليد على الفم

[رابعاً: التثاؤب، ووضع اليد على الفم] التثاؤب هو: فتح الفم، وحكمه في الصلاة أن صاحبه معذور بأن يضع يده على فيه؛ ليخفف من ذاك الانفتاح، فإن كانت اليمنى وضع كفه على فمه، وإن كانت اليسرى وضع ظاهر اليد على الفم.

فمن تثاءب في الصلاة لا تبطل صلاته، والسنة أن يضع يده اليمنى على فمه، بباطن الكف، فإن كانت اليسرى جعل ظاهر الكف على الفم.

خامساً: الاستفتاح على الإمام

[خامساً: الاستفتاح على الإمام] لا حرج إذا غلط الإمام أن يُرد عليه، فإذا استفتح الإمام وكرر الآية يحسن بك أن تفتح عليه ولا حرج، والصلاة صحيحة [والتسبيح له إن سها لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله )] فإذا قام الإمام من الرابعة، قل له: سبحان الله! ليرجع، أو ما جلس للتشهد الأوسط وأراد أن يقوم، قل له: سبحان الله! حتى يرجع، لكن إذا رفع ركبتيه وقام فإنه لا يرجع للتشهد الأول؛ لأنه ليس بركن، بل يسجد له قبل السلام فقط.

سادساً: دفع المار بين يديه

[سادساً: دفع المار بين يديه] إذا كنت تصلي وأتى من يمر بينك وبين سترتك دفعته ولا حرج، هو عمل لكنه مأذون فيه [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا صلى أحدكم إلى شيء )]يعني: سترة [( يستره من الناس، فإذا أراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى؛ فليقاتله فإنه شيطان )] إذا كنت تصلي إلى سترتك فأتى غافل يمر بين يديك أشر إليه حتى يرجع، فلعله لم ينتبه، أما إن دفعته ثم قام يقاتلك فهذا شيطان ليس بإنسان.

والسترة عمود أو خشبة أو كذا .. يستر المصلي بها نفسه من الناس؛ حتى لا يمر أحد بين يديه، فإذا أراد أحد أن يجتاز بين يديه أحد دفعه، فإن أبى أن يرجع وتعمد المرور فهو شيطان، يريد إفساد العبادة غير مبالٍ بالصلاة تصح أو لا تصح.

سابعاً: قتل الحية والعقرب إن قصدت وتعرضت له وهو في صلاته

[سابعاً: قتل الحية والعقرب إن قصدت وتعرضت له وهو في صلاته] الحية والعقرب على حد سواء، ويدخل في هذا كل ما يؤذي ويقتل [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحيّة والعقرب )] وهذا القتل لا يبطل الصلاة، فلو أخذ بعصا وتقدم خطوة أو خطوتين لا يضره.

ثامناً: حك جسده بيده

[ثامناً: حك جسده بيده؛ إذ هو من العمل اليسير المغتفر] من حك رأسه أو جلده بيده وهو في الصلاة لا يضره، فهو من اليسير المغتفر.

تاسعاً: الإشارة بالكف لمن سلّم عليه

[تاسعاً: الإشارة بالكف لمن سلّم عليه] من كان يصلي ثم دخل عليه، من قال: السلام عليكم أشار إليه بيده، ولا يقل: وعليكم السلام، فهذه الإشارة معفو عنها مغتفرة لا تبطل الصلاة، سواء كانت نافلة أو فريضة [لفعله صلى الله عليه وسلم ذلك] فالرسول فعل ذلك، فالعمل اليسير لإصلاح الصلاة كالتنحنح، أو إصلاح من في الصف، أو التثاؤب ووضع اليد على الفم، أو الاستفتاح على الإمام بالآية والآيتين، أو دفع المار بين يدي المصلي، لا يبطل الصلاة، وكذلك قتل الحية والعقرب وكل ما يؤذي ويضر، وحك الجسد باليد، وأخيراً: الإشارة بالكف لمن سلم عليك.

[ أولاً: العمل اليسير كإصلاح ردائه؛ لثبوت مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح] لا حرج في إصلاح العمامة أو الثوب أو الرداء؛ لأنه عمل يسير ليس بكثير.

[ثانياً: التنحنح عند الاضطرار] لا بأس بقول: أح! عند الاضطرار؛ لأنه ليس كلاماً فيه حروف.