سلسلة منهاج المسلم - (79)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء، ندرس كتاب منهاج المسلم، وقد انتهى بنا الدرس إلى الفصل الخامس من العبادات ألا وهو [ الفصل الخامس: في التيمم: وفيه ثلاث مواد: المادة الأولى: في مشروعيته ولمن يشرع له ] فالمادة الأولى بواسطتها نعرف أن التيمم شرعه الله عز وجل لمن كان أهلاً له كالمريض أو الجريح أو ما إلى ذلك.

مشروعية التيمم

[ أولاً: مشروعيته: التيمم مشروع بالقرآن الكريم والسنة الشريفة ] على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم [ قال تعالى: وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43]] بمعنى اقصدوا [ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] ] فهذا نص صريح في مشروعية التيمم، وهو من دين الله، وهو كلام الله عز وجل [ وقال صلى الله عليه وسلم: ( الصعيد ) ] ما صعد على الأرض من تراب وحجارة وسبخة [ ( وضوء المسلم ) ] آلة الوضوء[ ( وإن لم يجد الماء عشر سنين ) ] فيتيمم طوال اليوم أو طوال الشهر إذا انعدم الماء، أما مع وجود الماء فلا يتيمم إلا مريض.

إذاً: التيمم مشروع بالكتاب والسنة، ولا خلاف فيه بين الأئمة.

ثانياً: لمن يشرع التيمم؟

[ ثانياً: لمن يشرع؟ ]

قال: [يشرع التيمم لمن لم يجد الماء بعد طلبه] أولاً يطلبه يمينا..ً شمالاً.. وراء.. أماماً، فإذا لم يجده وجب التيمم [ طلباً لا يشق على مثله] لأن الشاب يستطيع أن يمشي مسافة أربعة كيلو أو خمسة كيلو ليأتي بالماء، وأما الشيخ الكبير فلا يستطيع أن يمشي كيلو متر واحد، فهو بحسب قدرة من فقد الماء، إذ عليه أن يطلبه في حدود طاقته، فإذا كان يشق عليه وعجز تيمم وصلى.

أما إذا كان الماء غير موجود ولم تطلبه، ولم تسأل شخصاً أو جماعة عن وجوده عندهم، بل تسكت وتقول: ما وجدت الماء، وتيممت، فهذا لا يصح، إذ لا بد من الطلب في حدود طاقتك، كل يطلبه بحسب طاقته.

قال: [ أو وجده ] أي: وجد الماء [ولم يقدر على استعماله لمرض ] إما لجراحات في جسمه، وإما لعجز كامل، لا يستطيع أن يأخذ الماء ويغسل يديه ورجليه، فالماء موجود لكنه عجز عن استعماله [ أو كان يخشى باستعماله زيادة المرض ] يخشى إذا استعمله أن يزيد مرضه [ أو تأخير البرء ] أي: الشفاء، كما في الجراحات [ أو كان لا يقدر على الحركة، ولم يجد من يناوله إياه ] كحال العاجز المريض فإنه يتيمم.

[ وأما من وجد قليلاً من الماء لا يكفيه لطهره كله؛ فإنه يتوضأ به ] أي: بذلك القليل من الماء [ في بعض أعضائه، ثم يتيمم لما بقي ] وجد أقل من حفنة ماء، يغسل بها وجهه -مثلاً- ثم يتيمم للباقي، فإذا لم يكف الماء للوضوء يتيمم للباقي.

أو توضأ بالماء وبقيت رجلاه غير مغسولتين فإنه يتيمم لهما.

أو توضأ وغسل رجله اليمنى وانتهى الماء ولم يغسل رجله اليسرى تيمم لها؛ لأن الوضوء لابد وأن يشمل الأعضاء المذكورة كلها كما في الآية: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] [ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ] أي: أطيعوا الله في حدود طاقتكم.

[ أولاً: مشروعيته: التيمم مشروع بالقرآن الكريم والسنة الشريفة ] على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم [ قال تعالى: وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43]] بمعنى اقصدوا [ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] ] فهذا نص صريح في مشروعية التيمم، وهو من دين الله، وهو كلام الله عز وجل [ وقال صلى الله عليه وسلم: ( الصعيد ) ] ما صعد على الأرض من تراب وحجارة وسبخة [ ( وضوء المسلم ) ] آلة الوضوء[ ( وإن لم يجد الماء عشر سنين ) ] فيتيمم طوال اليوم أو طوال الشهر إذا انعدم الماء، أما مع وجود الماء فلا يتيمم إلا مريض.

إذاً: التيمم مشروع بالكتاب والسنة، ولا خلاف فيه بين الأئمة.

[ ثانياً: لمن يشرع؟ ]

قال: [يشرع التيمم لمن لم يجد الماء بعد طلبه] أولاً يطلبه يمينا..ً شمالاً.. وراء.. أماماً، فإذا لم يجده وجب التيمم [ طلباً لا يشق على مثله] لأن الشاب يستطيع أن يمشي مسافة أربعة كيلو أو خمسة كيلو ليأتي بالماء، وأما الشيخ الكبير فلا يستطيع أن يمشي كيلو متر واحد، فهو بحسب قدرة من فقد الماء، إذ عليه أن يطلبه في حدود طاقته، فإذا كان يشق عليه وعجز تيمم وصلى.

أما إذا كان الماء غير موجود ولم تطلبه، ولم تسأل شخصاً أو جماعة عن وجوده عندهم، بل تسكت وتقول: ما وجدت الماء، وتيممت، فهذا لا يصح، إذ لا بد من الطلب في حدود طاقتك، كل يطلبه بحسب طاقته.

قال: [ أو وجده ] أي: وجد الماء [ولم يقدر على استعماله لمرض ] إما لجراحات في جسمه، وإما لعجز كامل، لا يستطيع أن يأخذ الماء ويغسل يديه ورجليه، فالماء موجود لكنه عجز عن استعماله [ أو كان يخشى باستعماله زيادة المرض ] يخشى إذا استعمله أن يزيد مرضه [ أو تأخير البرء ] أي: الشفاء، كما في الجراحات [ أو كان لا يقدر على الحركة، ولم يجد من يناوله إياه ] كحال العاجز المريض فإنه يتيمم.

[ وأما من وجد قليلاً من الماء لا يكفيه لطهره كله؛ فإنه يتوضأ به ] أي: بذلك القليل من الماء [ في بعض أعضائه، ثم يتيمم لما بقي ] وجد أقل من حفنة ماء، يغسل بها وجهه -مثلاً- ثم يتيمم للباقي، فإذا لم يكف الماء للوضوء يتيمم للباقي.

أو توضأ بالماء وبقيت رجلاه غير مغسولتين فإنه يتيمم لهما.

أو توضأ وغسل رجله اليمنى وانتهى الماء ولم يغسل رجله اليسرى تيمم لها؛ لأن الوضوء لابد وأن يشمل الأعضاء المذكورة كلها كما في الآية: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] [ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ] أي: أطيعوا الله في حدود طاقتكم.

[ المادة الثانية: في فروض التيمم وسننه ] التيمم كالصلاة والوضوء، له فروض وسنن، ولا بد من ذلك [ أولاً: فروضه: فروض التيمم هي:]

أولاً: النية

[ أولاً: النية؛ لخبر: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) ] الغسل، التيمم، الوضوء، الصيام، الصلاة.. الأعمال كلها متوقفة على النية [ فينوي المتيمم استباحة الممنوع من صلاة ونحوها ] النية: القصد والعزم. ينوي جواز الممنوع الذي كان ممنوعاً عنه من صلاة ونحوها كمس المصحف أو الطواف [ بفعله التيمم ] ينوي بقلبه أنه لما يتيمم يباح له ما كان ممنوعاً عنه، كقراءة القرآن إذا كان جنباً، وكمس المصحف، والطواف.. وما إلى ذلك.

ثانياً: الصعيد الطاهر

[ ثانياً: ] الفرض الثاني [ الصعيد الطاهر ] وهو ما صعد على الأرض [ لقوله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43] ] أي: اقصدوا صعيداً طيباً، لا بد وأن يكون الصعيد طاهراً، فلو كان التراب فيه نجاسة كبول أو دم أو خراء لا يصح التيمم به، كذلك الحجر إذا كان فيها وسخ لا يصح استعمالها؛ لقول الله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43] والطيب هو الطاهر النقي.

ثالثاً: الضربة الأولى

[ ثالثاً: الضربة الأولى؛ وهي وضع اليدين على التراب ] الضربة الأولى على التراب أو الصعيد فرض.

رابعاً: مسح الوجه والكفين

[ رابعاً: مسح الوجه والكفين؛ لقوله تعالى: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] ].

وكيفية التيمم: أن يقصد المتيمم الصعيد الطيب، ويقول: بسم الله، ويمسح بيديه وجهه وكفيه، لقول الله تعالى: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] ، وهذا خطاب للمؤمنين والمؤمنات.

يروى عن ابن عمر وبه قال مالك وغيره أنه يستحب مسح الذراعين ثلاثاً مع الكفين.

والرسول صلى الله عليه وسلم قال لـعمار بن ياسر : ( يكفيك هكذا وضرب بيديه الأرض ومسح بهما وجهه وكفيه ) فمن اكتفى بالوجه والكفين أجزأه بلا خلاف، ومن زاد فمسح الذراعين فشأنه ولا حرج، فهذا القول قال به العلماء.

[ أولاً: النية؛ لخبر: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) ] الغسل، التيمم، الوضوء، الصيام، الصلاة.. الأعمال كلها متوقفة على النية [ فينوي المتيمم استباحة الممنوع من صلاة ونحوها ] النية: القصد والعزم. ينوي جواز الممنوع الذي كان ممنوعاً عنه من صلاة ونحوها كمس المصحف أو الطواف [ بفعله التيمم ] ينوي بقلبه أنه لما يتيمم يباح له ما كان ممنوعاً عنه، كقراءة القرآن إذا كان جنباً، وكمس المصحف، والطواف.. وما إلى ذلك.

[ ثانياً: ] الفرض الثاني [ الصعيد الطاهر ] وهو ما صعد على الأرض [ لقوله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43] ] أي: اقصدوا صعيداً طيباً، لا بد وأن يكون الصعيد طاهراً، فلو كان التراب فيه نجاسة كبول أو دم أو خراء لا يصح التيمم به، كذلك الحجر إذا كان فيها وسخ لا يصح استعمالها؛ لقول الله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43] والطيب هو الطاهر النقي.

[ ثالثاً: الضربة الأولى؛ وهي وضع اليدين على التراب ] الضربة الأولى على التراب أو الصعيد فرض.

[ رابعاً: مسح الوجه والكفين؛ لقوله تعالى: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] ].

وكيفية التيمم: أن يقصد المتيمم الصعيد الطيب، ويقول: بسم الله، ويمسح بيديه وجهه وكفيه، لقول الله تعالى: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] ، وهذا خطاب للمؤمنين والمؤمنات.

يروى عن ابن عمر وبه قال مالك وغيره أنه يستحب مسح الذراعين ثلاثاً مع الكفين.

والرسول صلى الله عليه وسلم قال لـعمار بن ياسر : ( يكفيك هكذا وضرب بيديه الأرض ومسح بهما وجهه وكفيه ) فمن اكتفى بالوجه والكفين أجزأه بلا خلاف، ومن زاد فمسح الذراعين فشأنه ولا حرج، فهذا القول قال به العلماء.

[ ثانياً: سننه: سنن التيمم هي:]

ترك سنة من سنن التيمم نسياناً أو غفلة لا يضر، فالتيمم صحيح، بخلاف من ترك فرضاً من فروض التيمم.

أولاً: التسمية

[ أولاً: التسمية، هي قول بسم الله؛ إذ هي مشروعة في كل عمل ذي بال ] كلمة بسم الله مشروعة في الأكل فضلاً عن التيمم، مشروع لك في كل عمل أن تقول: بسم الله.

ثانياً: الضربة الثانية

[ ثانياً: الضربة الثانية؛ إذ الأولى فرض وتكفي فيه، والثانية سنة ] لحديث ابن عمر رضي الله عنه السابق، فالضربة الثانية للذراعين مشروعة وسنة من سنن التيمم.

ثالثاً: مسح الذراعين مع الكفين

[ثالثاً] أي: ثالث السنن [ مسح الذراعين مع الكفين؛ إذ لو اقتصر على مسح الكفين لأجزأه] وكفاه [ وإنما يمسح الذراعين احتياطاً؛ وذلك للخلاف في معنى اليدين في الآية ] فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] هل المراد باليدين الذراعين كالوضوء أو الكفين فقط؟ الآية تحتمل هذا وذاك [ هل هما الكفان وحدهما، أو هما مع الذراعين إلى المرفقين؟ ] ولهذا فإن مذهب مالك هو المسح على الذراعين، وهو مروي عن ابن عمر ، ونحن كما تعرفون ما نريد أن نحمل الناس على مذهب معين، نريد أن نمشي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إذاً: سنن التيمم:

أولاً: التسمية، فمن لم يقل: بسم الله، لا يبطل؛ لأنها ليست فريضة.

ثانياً: الضربة الثانية، من لم يفعلها لا يبطل تيممه.

ثالثاً: مسح الذراعين، من لم يمسحهما لا يبطل التيمم.

ودليل المسح على الذراعين العموم في الآية: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] ، ودليل المسح على الكفين فقط حديث عمار ، فمن اكتفى بالكفين وقال: بسم الله أجزأه، ويكون مطمئناً، لأنه أتى بالفريضة، ومن ضرب ضربة ثانية، ومسح كفيه وذراعيه أجزأه ذلك، وهي سنة؛ خروجاً من الخلاف.

[ أولاً: التسمية، هي قول بسم الله؛ إذ هي مشروعة في كل عمل ذي بال ] كلمة بسم الله مشروعة في الأكل فضلاً عن التيمم، مشروع لك في كل عمل أن تقول: بسم الله.