سلسلة منهاج المسلم - (73)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة..

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وقد فرغنا من كتاب العقيدة وكتاب الآداب وكتاب الأخلاق، وها نحن مع كتاب العبادات، وأذكركم بما جاء في الدرس السابق، وهو:

أن الطهارة واجبة بالكتاب والسنة، وإن شئت قل: والإجماع أيضاً ؛ وذلك لقول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]، وقوله عز وجل: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر:4] والخطاب للرسول والأمة معاً، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( مفتاح الصلاة الطهور ) يا من أراد أن يدخل قصر الصلاة عليك بالمفتاح ألا وهو الطهور.

وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا تقبل صلاة بغير طهور ) وقال: ( والطهور شطر الإيمان )، نصفه؛ لأن الطهارة كما علمتم جسمانية وروحانية، طهارة الجسم الوضوء والغسل والتيمم، وطهارة الروح تكون بالعبادات الصالحة التي تزكي النفس وتطهرها.

ومن هنا قلنا: الطهارة ظاهرة وباطنة، والطهارة الظاهرة: هي طهارة الخبث وطهارة الحدث. عرفنا أن الخبث هو ما يكون من دم أو بول أو قيء أو كذا في الثوب. وطهارة الحدث هو أن يكون منتقضاً وضوءه أو جنباً، وطهارة الحدث هي الوضوء والغسل والتيمم.

وبم تكون الطهارة؟ تكون بالماء الباقي على أصل خلقته، لم يغيره شيء لا في طعمه ولا لونه ولا ريحه، وتكون بالصعيد الطاهر -بالتراب الطاهر- في حالة العجز عن الوضوء والغسل، وهو التيمم. هذا الدرس سبق لنا، والآن مع هذا الفصل في آداب قضاء الحاجة.

ما يقصد بقضاء الحاجة؟

التغوط والتبول، حاجة كل إنسان، إذا امتلأت بطنه أصبحت عنده حاجة لإفراغها، فهي حاجة.

قال: [ الفصل الثاني: في آداب قضاء الحاجة: وفيه ثلاث مواد: المادة الأولى: فيما ينبغي قبل التخلي ] ماذا يجب عليك أن تفعل قبل أن تتخلى [ وهو: ]

أولاً: طلب المكان الخالي لقضاء الحاجة

[ أولاً: أن يطلب مكاناً خالياً من الناس بعيداً عن أنظارهم؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد ) ] يذهب بعيداً.

ثانياً: أن لا يدخل معه إلى الخلاء ما فيه ذكر الله

[ ثانياً: أن لا يُدخل معه ] المرحاض أو الكنيف أو المكان الذي يتغوط فيه وإن كان في صحراء [ ما فيه ذكر الله تعالى ] أن لا يدخل معه ورقة أو أي شيء فيه ذكر الله، لا يدخل به المرحاض [ وذلك لما روي أنه صلى الله عليه وسلم: ( لبس خاتماً نقشه: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا دخل الخلاء وضعه ) ] بعيداً، والذين يدخلون وفي جيوبهم الدراهم وفيها بسم الله الرحمن الرحيم لا يحل هذا أبداً.

والآن الأولاد يشترون لهم ثياباً فيها اسم الله ويلبسونها، بل فيها اسم المسيح عيسى عليه السلام، الشركيات النصرانية الآن في الثياب، القبعات والبرانيط الآن على رءوس أولادنا.. إلى أين نسير؟

إلى الهاوية، وطأطأنا رءوسنا وسكتنا كلنا كأن شيئاً ما وقع!

جيل ينشأ على ملة الكفر في أزيائه وفي سلوكه، فيا ويلنا!

ثالثاً: تقديم الرجل اليسرى عند الدخول إلى الخلاء

[ ثالثاً: أن يقدم رجله اليسرى عند الدخول إلى الخلاء ] مرحاضاً أو كنيفاً أو غيره، قدم رجله اليسرى فتكون هي الأولى ثم يتبعها باليمنى عند الدخول؛ لشرف اليمنى وضعف اليسرى، فاليسرى هي التي يقدمها إلى النجاسة.

[ ويقول: ( بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) ] يقول هذا قبل أن يدخل، يقول: (بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث)، أو: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) ثم يقدم رجله اليسرى ويدخل [ لما روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك ] ونحن أولى بذلك.

رابعاً: عدم رفع الثوب حتى يدنو من الأرض

[ رابعاً: أن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ] ليس وهو واقفاً يشمر ويرفع ثوبه وتظهر عورته، ينزل حتى يقترب من الأرض ثم يرفع ثوبه ويتغوط [ ستراً لعورته المأمور به شرعاً ] ستر العورات واجب، فلا يحل لمؤمن أن يكشف عورته لأحد، اللهم إلا في حال المرض أو الموت. هذه الآداب ينبغي أن نقوم بها، ويجب أن لا ننساها ونهملها.

خامساً: أن لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها عند قضاء الحاجة

[ خامساً: أن لا يجلس للغائط أو البول مستقبل القبلة أو مستدبرها ] لا يعطي القبلة دبره ولا ذكره [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تستقبلوا القبلة بفروجكم ولا تستدبروها بغائط أو بول ) ] استقبالها أن تستقبلها كما تستقبل الصلاة، واستدبارها أن تعطيها دبرك وتستقبل الشام أمامك، لا يصح هذا ولا هذا.

أما إذا كان في كنيف أو مرحاض وفيه جدران موجودة فلا بأس إذا استقبل القبلة أو استدبرها، لكن هذا منهي عنه في الخلاء، أما إذا كان في كنيف مصان له جدران عالية ومرتفعة فيجوز، لو فعل ما ضره ذلك، فالذي يتبول أو يتغوط لا يحل له أن يستقبل البيت أو يستدبره لبول أو غائط، ثم استثنى أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كان وراء جدار مستور فلا يضر استقبال القبلة؛ لأنه بينها وبين الجدار.

سادساً: أن لا يقضي حاجته في ظل الناس وطريقهم

[ سادساً: أن لا يجلس لغائط أو بول في ظل الناس ] تحت ظل جدار أو شجرة أو مكان يستظلون به في الحر فلا يتغوط فيه ويتبول؛ لأنه يؤذي الناس به [ أو طريقهم ] ممر الناس لا يجوز التغوط ولا التبول فيه [ أو مياههم ] لهم مياه يشربون منها ويستقون منها لا يتغوط فيها ويبول فيها [ أو أشجارهم المثمرة ] نخلة فيها ثمر.. تفاح أو رمان يتساقط فلا يتبول تحتها أو يتغوط [لقوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الملاعن الثلاثة)] جمع ملعن [(البراز في الموارد)] المياه يعني [(وقارعة -وسط- الطريق)] ممر الناس، يعني: وسط الطريق [ (والظل)] ظل شجرة أو جدار والناس يستظلون به، لا تجلس أنت وتبول فيه أو تتغوط.

فمن فعل هذا وتبول في واحد منها لعن، يلعنه الناس، وهو ملعون وإن لم يلعنوه؛ لأنه أفسد عليهم حياتهم.

[ وقد ورد عنه كذلك النهي عن التبرز تحت الأشجار المثمرة ] كما تقدم، الشجرة إذا كانت مثمرة يتساقط منها الرطب أو التمر فلا يجوز التغوط تحتها، تين مثلاً أو زيتون يتساقط فلا يجوز التبرز تحته إلا إذا ما كان فيه ثمار، أي: في غير وقته.

والشاهد من هذا: أنه يحرم أذية المؤمنين، بل يحرم أذية الناس أجمعين، فما كان يؤذي المؤمنين ما يفعله المؤمن، من ذلك: أن يبول في طريقهم أو يتغوط في ظلهم أو تحت نخيلهم أو أشجارهم وهم يجنون ثمارها ويستفيدون منها.

سابعاً: عدم الكلام حال قضاء الحاجة

[ سابعاً: أن لا يتكلم حال التبرز ] لما يكون جالساً يتغوط أو يبول لا يتكلم [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا تغوط الرجلان فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه ) ] فليستتر كل واحد منهما عن صاحبه [ ( ولا يتحدثا، فإن الله يمقت على ذلك ) ] أن لا يتكلم المرء حال التبرز مع أي أحد، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا تغوط الرجلان فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه ) أي: يستتر عن صاحبه ويبعد، ( ولا يتحدثا ) نهاهما عن الحديث، هذا يتبول هنا وذاك هناك وإن كان بعيداً فلا يتحدثان ( فإن الله يمقت -والعياذ بالله- على ذلك ) ومن مقته الله أغضبه وأسخطه.

[ أولاً: أن يطلب مكاناً خالياً من الناس بعيداً عن أنظارهم؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد ) ] يذهب بعيداً.

[ ثانياً: أن لا يُدخل معه ] المرحاض أو الكنيف أو المكان الذي يتغوط فيه وإن كان في صحراء [ ما فيه ذكر الله تعالى ] أن لا يدخل معه ورقة أو أي شيء فيه ذكر الله، لا يدخل به المرحاض [ وذلك لما روي أنه صلى الله عليه وسلم: ( لبس خاتماً نقشه: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا دخل الخلاء وضعه ) ] بعيداً، والذين يدخلون وفي جيوبهم الدراهم وفيها بسم الله الرحمن الرحيم لا يحل هذا أبداً.

والآن الأولاد يشترون لهم ثياباً فيها اسم الله ويلبسونها، بل فيها اسم المسيح عيسى عليه السلام، الشركيات النصرانية الآن في الثياب، القبعات والبرانيط الآن على رءوس أولادنا.. إلى أين نسير؟

إلى الهاوية، وطأطأنا رءوسنا وسكتنا كلنا كأن شيئاً ما وقع!

جيل ينشأ على ملة الكفر في أزيائه وفي سلوكه، فيا ويلنا!